الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } * { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } * { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } * { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }

قوله تعالى: { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ }. في " هُوَ " وجهان:

أحدهما: أنه ضمير عائد على ما يفهم من السياق، فإنه يروى في سبب النزول أنهم قالوا: صف لنا ربَّك وانسبه.

وقيل: قالوا له: أنُحَاسٌ هو أم حَديدٌ؟ فنزلت.

وحينئذ يجوز أن يكون " اللهُ " مبتدأ، و " أحد " خبره، والجملة خبر الأولِ، ويجوز أن يكون " الله " بدلاً، و " أحد " الخبر، ويجوز أن يكون " الله " خبراً أولاً، و " أحد " خبراً ثانياً، ويجوز أن يكون " أحد " خبراً لمبتدأ محذوف، أي " هو أحد " ، والثاني: ضمير الشأن؛ لأنه موضع تعظيم، والجملة بعد خبره مفسرة.

وهمزة " أحد " بدل من واو؛ لأنه من الوحدة، وإبدال الهمزة من الواو المفتوحة قليل، منه: امرأة أناة من الونى، وهو الفُتُور، وتقدم الفرق بين " أحد " هذا، و " أحد " المراد به العموم، فإن همزة ذاك أصل بنفسها.

ونقل أبو البقاء: أن همزة " أحد " هذا غير مقلوبة، بل أصلها بنفسها، فالمراد به العموم. والأول هو المعروف.

وفرق ثعلب بين " أحد " و " واحد " بأنَّ الواحد يدخله العدد والجمع والاثنان و " أحد " لا يدخله ذلك، ويقال: اللهُ أحد، ولا يقال: زيد أحد؛ لأن الله تعالى هذه الخصوصية، وزيد له حالات شتى. ورد عليه أبو حيَّان بأنه يقال: أحد وعشرون، ونحوه، فقد دخله العدد انتهى.

وقال مكيٌّ: إن أصله: " واحد " فأبدلت الواو همزة، فاجتمع ألفان؛ لأن الهمزة تشبه الألف، فحذفت إحداهما تخفيفاً.

وقرأ عبد الله وأبيّ: { ٱللَّهُ أَحَدٌ } دون " قُلْ ".

وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم: { ٱللَّهُ أَحَدٌ } بغير { قُلْ هُوَ }.

وقرأ الأعمش: " قل هو الله الواحد ".

وقرأ العامة: بتنوين " أحَدٌ " وهو الأصل.

وزيد بن علي وأبان بن عثمان، وابن أبي إسحاق والحسن، وأبو السمال، وأبو عمرو في رواية، في عدد كثير: بحذف التنوين للخفة، ولالتقاء الساكنين، كقوله: [الكامل]
5352- عَمروُ الذي هَشمَ الثَّريدَ لقومهِ   ورِجالُ مكَّة مُسنتُـونَ عِجَـافُ
وقوله: [المتقارب]
5353- ……..........................   ولا ذَاكِـرَ الـلَّـهَ إلاَّ قَـلِـيـلاً
فصل

والصمد: الذي يصمدُ إليه في الحاجات، ولا يقدر على قضائها إلا هو.

قال: [الطويل]
5354- ألاَ بكَّرَ النَّاعِي بخَيْرِ بَنِي أسَـدْ   بِعمْرِو بنِ مسعُودٍ وبالسَّيِّدِ الصَّمَدْ
وقال آخر: [البسيط]
5355- عَلـوتـهُ بحُسَـامٍ ثُمَّ قلـتُ لـهُ   خُـذهَا حُذيْـفُ فأنـتَ السيِّـدُ الصَّمـدُ
وقيل: الصمد: المصمت الذي لا جوف له.

ومنه قوله: [الطويل]
5356- شِهَابُ حُروبٍ لا تَزَالُ جِيَادهُ   عَوابِسَ يَعلُكْنَ الشَّكيمَ المُصَمَّدَا
وقال أبيّ بن كعب رضي الله عنه: تفسيره، من قوله تعالى: { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } وهذا يشبه ما قالوه من تفسير الهلوع، والأحسن في هذه الجملة أن تكون مستقلة بفائدة هذا الخبر، ويجوز أن يكون " الصَّمدُ " صفة، والخبر في الجملة بعده، كذا قيل، وهو ضعيف من حيث السِّياق، فإن السياق يقتضي الاستقلال بأخبار عن كل جملة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6