الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } * { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } * { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } * { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ }

قال ابن الخطيب: " هذه السورة تسمى سورة البراءة وسورة الإخلاص، والمشفعة ".

روى الترمذي من حديث أنس - رضي الله عنه -: " إنَّها تعدِلُ ثُلثَ القُرآنِ ".

وروى ابن الأنباري عن أنس - رضي الله عنه -: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قل يا أيها الكافرون تَعدلُ رُبُعَ القُرآنِ ".

وخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد عن ابن عمر - رضي الله عنهما - " صلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بأصحابه في صلاة الفجر في سفرٍ، فقرأ: { قل يا أيها الكافرون } و { قل هو الله أحد } ثم قال صلى الله عليه وسلم: " قَرَأْتُ عَلَيْكُم ثُلثَ القُرآنِ وربعهُ " ".

[وروى جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " " أتُحِبُّ يا جُبير إذا خَرجْتَ سَفَرَاً أنْ تكُونَ مِنْ أمثلِ أصْحَابِكَ هَيْئةً، وأكْثرهمْ زَاداً "؟ قلت: نَعَمْ، فاقْرَأ هذه السُّور الخَمْسَ من أول: { قل يا أيها الكافرون } إلى { قل أعوذ برب الناس } ، وافتتِحْ قِرءاتَك بـ " بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرَّحيمِ " ".

قال:] فوالله، لقد كنت غير كثير المال، إذا سافرت أكون أبذَّهُم هيئة، وأقلهم مالاً، فمذ قرأتهنّ صرت من أحسنهم هيئة، وأكثرهم زاداً، حتى أرجع من سفري ذلك.

قال ابن الخطيب: والوجه في أنها تعدل ربع القرآن، هو أن القرآن يشتمل على الأمر بالمأمورات، والنهي عن المحظورات، وكل واحد منها ينقسم إلى ما يتعلق بالقلوب وإلى ما يتعلق بالجوارح، وهذه السورة مشتملةٌ على النهي عن المحرمات المتعلقة بأفعال القلوب، فيكون ربع القرآن.

وخرج ابنُ الأنباري عن نوفل بن فروة الأشجعي، قال: " جاء رجُل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أوصني، قال: " اقرأ عِنْدَ مَنَامِكَ: { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } فإنَّها براءةٌ من الشِّركِ " ".

وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: ليس في القرآن أشدّ غيظاً لإبليس - لعنه الله - من هذه السورة؛ لأنها توحيد، وبراءة من الشرك.

وقال الأصمعي: كان يقال لـ { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } و { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } المقشقشتان، أي: أنهما تبرئان من النفاق.

وقال أبو عبيدة - رضي الله عنه -: كما يقشقش الهناءُ الجرب فيبرئه.

قال ابن السكيت: يقال للقرح والجدري إذا يبس وتقرف، والجرب في الإبل إذا قفل: قد توسَّف جلده، وتقشّر جلده، وتقشقش جلده.

قال ابن عباس - رضي الله عنه -: سبب نزولها أن الوليد بن المغيرة، والعاص بن وائل، والأسود بن عبد المطلب، وأمية بن خلف، لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمدُ، هلمّ فلنعبد ما تعبد، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كلِّه، فإن كان ما جئت به خيراً مما بأيدينا، كنّا قد شاركناك فيه، وأخذنا بحظِّنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما بيدك، كنت قد شركتنا في أمرنا، وأخذت بحظك منه، فأنزل الله - عز وجل - { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } ، ونزل قوله:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7