الرئيسية - التفاسير


* تفسير اللباب في علوم الكتاب/ ابن عادل (ت 880 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْحَكِيمِ }

قوله: بسم الله الرحمن الرحيم " الۤر " تقدم الكلامُ على الحروف المقطعة في أول الكتاب، واختلافُ القُرَّاء في إمالة هذه الحروف إذا كان في آخرها ألفٌ، وهي: را، وطا، وها، ويا، وحا. فأمال " را " من جميع سورها إمالة محضة الكوفيون إلا حفصاً، وأبو عمرو وابن عامر. وأما الأخوان وأبو بكر " طا " من جميع سورها نحو:طسۤ } [النمل:1]،طسۤمۤ } [الشعراء:1]،طه } [طه:1]، و " يا " من " يس " ، وافقهم ابنُ عامر، والسوسي على " يا " منكۤهيعۤصۤ } [مريم:1]، بخلاف عن السوسي. وأمال الأخوان وأبو عمر، وورش، وأبو بكر " ها " من " طه " ، وكذلك أمالها من " كهيعص " أبو عمرو، والكسائي، وأبو بكر دون حمزة وورش.

وأمال أبو عمرو، وورش، والأخوان، وأبو بكر، وابن ذكوان " حا " من جميع سورها السبع [غافر:1]. إلاَّ أن أبا عمرو، وورشاً يميلان بين بين، وللقرَّاء في هذا عملٌ كثير مذكورٌ في كتب القراءات، وكلُّها لغات صحيحةٌ.

قال الواحدي: " الأصلُ ترك الإمالة في هذه الكلمات نحو " مَا " و " لا "؛ لأن ألفاتها ليست منقلبة عن الياء، وأمَّا من أمال فلأنَّ هذه الألفاظ أسماء للحروف المخصُوصة، فقصد بذكر الإمالة التَّنبيه على أنَّها أسماء لا حروف ".

فصل

اتفقوا على أنَّ قوله " الر " وحده ليس آية، واتفقوا على أنَّ قوله " طه " وحده آية، والفرق أن قوله " الر " لا يشاكل مقاطع الآي التي بعده، بخلاف قوله " طه " فإنه يشاكل مقاطع الآي التي بعده.

قال ابن عبَّاس والضحاك: " الر " معناه: أنا الله أرى، وقيل: أنا الربُّ لا ربَّ غيري. وقال سعيد بن جبير: " الر " و " حم " و " ن " حروف اسم الرحمن مُفرقة، ورواه أيضاً يزيد عن عكرمة عن ابن عبَّاس. قال الرَّاوي: فحدَّثت به الأعمش فقال: " عندك أشباه هذا ولا تخبرني به ".

قوله: { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ } " تلك " يحتمل أن تكون إشارة إلى آيات هذه السورة، وأن تكون إشارة إلى ما تقدَّم هذه السورة من آيات القرآن، لأن " تلك " إشارة إلى غائبٍ مؤنَّث، وقيل: " تلك " بمعنى " هذه " أي: هذه آياتٌ، ومنه قول الأعشى: [الخفيف]
2862- تِلْكَ خَيْلِي منهُ وتِلْكَ رِكابِي   هُنَّ صُفْرٌ أولادُهَا كالزَّبيبِ
أي: هذه خَيْلِي، وهذه رِكَابِي.

" والكتاب ": يحتمل أن يكون المراد به القرآن، ويحتمل أن يراد به الكتاب المخزون المكنون عند الله تعالى الذي نسخ منه كل كتاب، لقوله:إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ }

السابقالتالي
2