الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }

وقوله عز وجل: { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ... } الآية مخاطبةٌ للعرب في قول الجمهور، وهذا على جهة تعديدِ النعمة عَلَيْهِمْ؛ إِذْ جاءَهم بلسانِهِمْ، وبما يفهمونه منَ الأَغراض والفصاحةِ، وشُرِّفوا به غَابِرَ الدهْرِ.

وقوله: { مِّنْ أَنفُسِكُمْ }: يقتضي مدْحاً لنسبه صلى الله عليه وسلم، وأنه من صميمِ العَرَبِ، وشَرَفِها، وقرأ عبد اللَّه بن قُسَيْطٍ المَكِّيُّ: «مِنْ أَنْفَسِكُمْ» - بفتح الفاء -؛ من النَّفَاسة، ورويتْ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقوله: { مَا عَنِتُّمْ }: معناه عَنَتُكُمْ؛ فـــ «ما» مصدريةٌ، والعَنَت: المشقَّة، وهي هنا لفظةٌ عامَّة، أي: عزيز عليه مَا شَقَّ عليكم: مِنْ قتلٍ وإِسارٍ وٱمتحانٍ؛ بحسب الحَقِّ وٱعتقادكم أيضاً معه، { حَرِيصٌ َلَيْكُم } أي: علَى إيمانكم وهداكم.

وقوله: { بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ } أي: مبالغٌ في الشفقة عليهم، قال أبو عُبَيْدة: الرَّأْفَة أرقُّ الرحمة.

ثم خاطَبَ بحانه نبيَّه بقوله: { فَإِن تَوَلَّوْاْ } ، أي: أعرضوا، { فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لا إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }: هذه الآية من آخر مَا نَزَلَ، وصلى اللَّه علَى سَيِّدنا ومولانا محمَّد وعلَى آله وصَحْبه وسَلَّم تسليماً كثيراً، ولا حول ولا قوة إلاَّ باللَّه العلي العظيم.