الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ } * { وَٱللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ } * { وَٱلْقَمَرِ إِذَا ٱتَّسَقَ } * { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } * { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } * { وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ ٱلْقُرْآنُ لاَ يَسْجُدُونَ } * { بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ } * { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ } * { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ }

وقوله تعالى: { فَلاَ أُقْسِمُ بِٱلشَّفَقِ } «لا» زائِدةٌ وقيلَ: «لا» ردٌّ عَلى أقوالِ الكفار، و { ٱلشَّفَقِ } الحُمْرَةُ التي تَعْقُبُ غَيْبُوبَةَ الشمسِ مع البياضِ التابعِ لها في الأغلب، و { وَسَقَ } معناه: جُمِعَ وَضُمَّ ومنه الوَسْقُ أي: الأَصْوُعُ المجموعةُ، والليل يَسِق الحيوانَ جملة أي: يجمَعَها وَيَضُمُّها، وكذلك جميعُ المخلوقاتِ التي في الأرض والهواء من البحار والجبال والرياح وغير ذلك، واتساقُ القمر كمالُه وتمامُه بدراً، والمعنى امتلأَ من النور، وقرأ نافع وأبو عَمْرٍو وابن عامر: «لَتَرْكَبُنَّ» ـــ بضم الباءِ ـــ والمعنى: لتركبُنَّ الشدائِدَ: الموتَ والبعثَ والحسابَ حالاً بعد حالٍ، و«عن» تجيءُ بمعنى «بعد» كما يقال: ورثَ المجدَ كَابِراً عن كابرٍ، وقيلَ: غير هذا، وقرأ حمزة والكسائي وابن كثير: «لَتَرْكَبَنَّ» ـــ بفَتْحِ الباءِ ـــ على معنى أنتَ يا محمد، فقيلَ: المعنى حالاً بعد حالٍ من معالَجةِ الكفارِ، وقال ابن عباس: سماءً بعد سماءٍ في الإسراء، وقيل: هي عِدَةٌ بالنَّصْرِ أي لتركبَنَّ أمْرَ العربِ قَبِيلاً بعد قَبِيل؛ كما كان، وفي البخاري عن ابن عبَّاس: { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ } حَالاً بَعْدَ حَالٍ؛ هَكَذَا قَالَ نِبِيُّكُمْ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ، انتهى، ثم قال تعالى: { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } ، أي: ما حجتُهم مع هذهِ البراهين الساطعةِ، و { يُوعُونَ } معناه: يَجْمَعُونَ من الأعمالِ والتكذيبِ كأنهم يجعلونَها أوعيةٍ، تقول وَعَيْتُ العلم، وأَوْعَيْتُ المتاع، و { مَمْنُونٍ } معناه: مقطوع.