الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } * { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } * { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ } * { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } * { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ } * { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ }

وقوله تعالى: { بَلِ ٱلإِنسَـٰنُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } قال ابن عباس وغيره: أي: للإنسان على نفسه من نفسه بصيرةُ رقباءَ يشهدون عليه، وهم جوارحه وَحَفَظَتُه، ويحتمل أنْ يكون المعنى: بل الإنسان على نفسه شاهد؛ ودليله قوله تعالى:كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [الإسراء:14] قال الثعلبيُّ: قال أَبَانُ بْنُ تَعْلَبٍ: البصيرةُ والبَيِّنَةُ والشاهد بمعنى واحد انتهى، ونحوه للهرويِّ؛ قال * ع *: والمعنى على هذا التأويل الثاني: أَنَّ في الإنسان وفي عقله وفطرته حُجَّةً وشاهداً مُبْصِراً على نفسه.

{ وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ } أي: ولو اعتذر عن قبيح أفعاله، فهو يعلمها، قال الجمهور: والمعاذير هنا جمع مَعْذِرَةٌ، وقال الضَّحَّاكُ والسُّدِّيُّ: هي الستور بلغة اليمن؛ يقولون للستر: المعذار.

وقوله تعالى: { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ } الآية، قال كثير من المفسرين، وهو في «صحيح البخاريِّ» عن ابن عباس قال: " كان النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً وَكَانَ مِمَّا يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ؛ مُخَافَةَ أَنْ يَذْهَبَ عَنْهُ مَا يُوحَى إلَيْهِ " ، فَنَزَلَتِ الآيَةُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَأَعْلَمَهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَجْمَعُهُ لَهُ في صَدْرِهِ.

وقوله: { وَقُرْءَانَهُ } يحتمل أنْ يريد وقراءته، أي: تقرأه أنت يا محمد.

وقوله: { فَإِذَا قَرَأْنَـٰهُ } أي: قرأه المَلَكُ الرسول عَنَّا { فَٱتَّبِعْ قُرْءَانَهُ } ، قال البخاريُّ: قال ابن عباس: { فَٱتَّبِعْ } ، أي: اعمل به، وقال البخاريُّ أيضاً قوله: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ } أي: تأليف بعضه إلى بعض { فَإِذَا قَرَأْنَـٰهُ فَٱتَّبِعْ قُرْءَانَهُ } أي: ما جمع فيه، فاعمل بما أمرك، وانته عَمَّا نهاك عنه انتهى.

وقوله تعالى: { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } قال قتادة وجماعة: معناه: أنْ نُبَيِّنَهُ لك، وقال البخاريُّ: أنْ نبينه على لسانك.