الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ مِّمَّا خَطِيۤئَاتِهِمْ أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَاراً } * { وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ دَيَّاراً } * { إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوۤاْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } * { رَّبِّ ٱغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ ٱلظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً }

وقوله تعالى: { مِّمَّا خَطِيئَـٰتِهِمْ أُغْرِقُواْ } ابتداء إخْبَارٍ مِنَ اللَّهِ تعالَىٰ لمحمَّد ـــ عليه السلام ـــ و«ما» في قوله: { مِّمَّا }: زائدةٌ فكأَنه قال: مِنْ خطِيئَاتِهِم، وهي لابتداءِ الغَايَةِ، * ص *: { مِّمَّا خَطِيئَـٰتِهِمْ } من للسببِ، * ع *: لابتداءِ الغايةِ و«ما» زائِدة للتَوْكيد، انتهى، { فَأُدْخِلُواْ نَاراً } يعني جَهَنَّمَ، وقول نوح: { رَّبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى ٱلأَرْضِ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ دَيَّاراً } قال قتادة وغيره: لم يَدْعُ نوحٌ بهذهِ الدعوةِ إلاَّ مِنْ بَعْدِ أنْ أُوحِيَ إليهأَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاّ مَنْ قَدْ آمَنََ } [هود:36] و { دَيَّاراً } أصْله: دَيْوَارٌ من الدَّوَرانِ، أي: من يجيءُ ويذهب.

وقوله: { رَّبِّ ٱغْفِرْ لِى وَلِوٰلِدَىَّ } قال ابن عباس: لم يَكْفُرْ لنوحٍ أبٌ مَا بَيْنَه وبين آدم عليه السلام، وقرأ أُبيُّ بن كعب: «ولأَبَوَيَّ»، وبيتُه المسجدُ؛ فيما قاله ابن عباس، وجمهورُ المفسرين، وقال ابن عباس أيضاً: بيتُه شريعتُه ودِينُه؛ استعار لها بَيْتاً كما يقال قُبَّة الإسْلاَمِ وفُسْطَاطُ الدين، وقيل: أراد سفينتَه.

وقوله: { وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ } تعميمٌ بالدعاء لمؤمِني كلِّ أمَّةٍ، وقال بعض العلماء: إن الذي استجابَ لنوح ـــ عليه السلامُ ـــ فأغْرَق بدعوتِه أهْلَ الأرضِ الكفارِ، لجديرٌ أن يستجيبَ له فَيَرْحَمَ بدعوتِهِ المؤْمنينَ، والتَّبَارُ: الهَلاَك.