الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } * { قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ }

قوله عز وجل: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَـٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَـٰلٍ مُّبِينٍ * قَالَ يَـٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَـٰلَـٰتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }.

قال الطبري: أقسم اللَّه تعالى أنه أرسل نوحاً، وكذا قال أبو حيان: «لقد» اللام جواب قسم محذوف. انتهى.

و«غَيْرُهُ» بالرفع بَدَلٌ من قوله: { مِّنْ إِلَٰهٍ }؛ لأنه في موضع رَفْعٍ، ويجوز أن يكون نَعْتاً على الموضع؛ لأن التقدير؛ ما لكم إلٰه غيره، والمَلأُ الجماعة من الأشراف.

قيل: إنهم مأخوذون من أنهم يملؤون النَّفْسَ والعَيْنَ، ويحتمل من أنه إذا تمالؤوا على أَمْر تمّ.

وقولهم: { إِنَّا لَنَرَاكَ } يحتمل من رُؤْيَةِ البصر، ويحتمل من رؤية القَلْبِ، وهو أظهر.

و { فِي ضَلَـٰلٍ } أي في تَلَفٍ وجهالة بما تسلك.

وقوله: لهم جَوَابٌ عن هذا:

{ لَيْسَ بي ضَلَـٰلَةٌ } مبالغة في حُسْنِ الأدب، والإعراض عن الجَفَاءِ منهم، وتناول رفيق، وسعة صدر حَسْبَ ما تقتضيه خُلُقُ النبوءة.

وقوله: { وَلَكِنِّي رَسُولٌ } تعرض لمن يريد النظر، والبَحْثَ، والتأمل في المعجزة.

وقوله عليه السلام: { وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } لفظ مُضَمَّنُهُ الوَعِيد، لا سيما وهم لم يسمعوا قَطُّ بأمة عذبت.

وقوله: { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَـٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـآيَـٰتِنَا إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ }.

الاستفهام هنا على جِهَةِ التقرير والتوبيخ، وقوله: { عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ } قيل: «على» بمعنى «مع».

وقيل: هو على حَذْفِ مضاف، تقديره: على لسان رجل، ويحتمل أن يكون معناه منزَّل على رَجُلٍ منكم؛ إذا كل ما يأتي من اللَّه سبحانه فله حُكْمُ النزول، و { لَعَلَّكُمْ } تَرَجٍّ بحسب حال نوح ومعتقده.

وقوله سبحانه: { فَأَنجَيْنَـٰهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ... } الآية.

وفي التفسير: إن الذين كانوا مع نوح في السفينة أربعون رَجُلاً.

وقيل: ثمانون رجلاً وثمانون امرأة وقيل: عشرة وقيل: ثمانية. قاله قتادة.

وقيل: سبعة. واللَّه أعلم.

وفي كثير من كتب الحديث؛ التِّرْمذِيِّ وغيره أن جَمِيعَ الخَلْقِ الآن من ذُرِّيَّةِ نوح عليه السلام وقوله: { عَمِينَ } جمع عَمٍ، ويريد عَمِيَّ البَصَائر، وأتى في حديث الشفاعة وغيره أن نُوحاً أَوَّلُ الرسل.