قوله سبحانه: { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَـٰتِهِ... } الآية: هذه الآية وَعِيدٌ واستفهام على جهة التقرير، أي: لا أحد أظلم منه، والكتاب هو اللوح المَحْفُوظُ في قول الحَسَنِ وغيره. وقيل: ما تكتبه الحَفَظَةُ، ونصيبهم من ذلك هو الكُفْرُ وَالمَعَاصي. قاله مجاهد، وغيره. وقيل: هو القرآن، وحَظُّهم فيه سَوَادُ الوجوه يوم القيامة. وقال الربيع بن أنس، وغيره: المعنى بالنصيب مَا سَبَقَ لهم في أُم الكتاب من رِزْق، وعمر، وخير وشر في الدنيا، ورجحه الطبري. واحتج له بقوله تعالى بعد ذلك: { حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا } أي: عند انقضاء ذلك، فكان معنى الآية على هذا التأويل: أولئك يتمتعون، ويتصرَّفُونَ في الدنيا بِقَدْرِ ما كتب لهم حتى إِذا جاءتهم رُسُلنا لموتهم؛ وهذا تأويل جَمَاعَةٍ، وعلى هذا يترتّبُ ترجيحُ الطبري. وقالت فرقة: { رُسُلُنَا } يريد بهم مَلاَئِكَةَ العَذَابِ يوم القيامة، و { يَتَوَفَّوْنَهُمْ } معناه عندهم يستوفونهم عَدَداً في السوق إلى جهنم. وقوله سبحانه حكايةً عن الرسل { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ } استفهام تقرير، وتوبيخ، وتوقيف على خِزْيٍ، { وتَدْعُونَ } معناه: تعبدون، وتؤمِّلُون. وقولهم: { ضَـلُّواْ عَنَّا } معناه: هلكوا، وتلفوا، وفقدوا. ثم ابتدأ الخبر عن المشركين بقوله سبحانه: { وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَـٰفِرِينَ }.