وقوله سبحانه: { يَـٰبَنِي ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَٰرِي سَوْءَٰتِكُمْ } الآية خِطَابٌ لجميع الأمم وَقْتَ النبي صلى الله عليه وسلم والسَّبَب والمراد: قريش، ومَنْ كان مِنَ العَرَبِ يتعرَّى في طَوَافِهِ بٱلبَيْتِ. قال مجاهد: ففيهم نَزَلَتْ هذه الأربع آيات. وقوله: { أَنزَلْنَا } يحتمل التَّدْرِيجَ أَي: لما أنزل المَطَر، فكان عنه جميع ما يلبس، ويحتمل أن يريد بـــ { أَنزَلْنَا } خلقنا، كقوله:{ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ ٱلأنْعَـٰمِ ثَمَـٰنِيَةَ أَزْوٰجٍ } [الزمر:6]،{ وَأَنزَلْنَا ٱلْحَدِيدَ } [الحديد: 25] و { لِبَاساً } عام في جميع ما يُلْبَسُ، و { يُوَٰرِي }: يستر. وقرأ الجمهور: «وريشاً»، وقرأ عاصم، وأبو عمرو «ورياشاً» وهما عِبَارَتَانِ عن سَعَةِ الرزق، ورفاهة العَيْشِ، وَجَوْدَةِ الملبس والتمتع. وقال البخاري: قال ابن عباس: وريشاً: المال انتهى. وقرأ نافع، وغيره: «ولباسَ» بالنصب. وقرأ حمزة، وغيره بالرفع. وقوله: { ذَٰلِكَ مِنْ آيَـٰتِ ٱللَّهِ } إشارة إلى جَمِيعِ ما أنزل اللَّه من اللِّبَاسِ والرِّيشِ. وحكى النَّقَّاشُ: أن الإِشَارَةَ إِلى لِبَاسِ التَّقوى؛ أي: هو في العبد آية؛ أي: علامة وأمارة من اللَّه تعالى أنه قد رَضِيَ عنه، ورحمه. وقال ابن عَبَّاسٍ: لباس التقوى هو السَّمْتُ الحَسَنُ في الوَجْهِ. وقاله عثمان بن عفان على المنبر. وقال ابن عَبَّاسٍ أيضاً: هو العَمَلُ الصالحَ. وقال عُرْوَةُ بن الزبير: هو خَشْيَةُ اللَّه وقيل: هو لباس الصوف، وكل ما فيه تواضع لله عز وجل. وقال الحَسَنُ: هو الوَرَعُ. وقال معبد الجهني: هو الحَيَاءُ. وقال ابن عَبَّاسٍ أيضاً: لِبَاسُ التقوى العفة. قال * ع * وهذه كلها مثل، وهي من لباس التقوى، و { لَعَلَّهُمْ } تَرَجٍّ بحسبهم، ومبلغهم من المعرفة.