الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ } * { وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ }

وقوله سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ إِذَا مَسَّهُمْ طَـٰئِفٌ مِّنَ ٱلشَّيْطَـٰنِ تَذَكَّرُواْ... } الآية خرَجَتْ مَخْرَجَ المَدْحِ للمتقين، والتقوَىٰ ههنا عامَّة في اتقاء الشِّرْك والمعاصِي، وقرأ ابن كثير وغيره: «طَيْفٌ».

قال أبو عليٍّ الطائفُ كالخَاطِرِ، والطَّيْف كالخَطْرة، وقوله: { تَذَكَّرُواْ }: إشارة إِلى ٱلاستعاذة المأمور بها، وإِلى ما للَّه عزَّ وجلَّ من الأوامر والنواهي في النازلة التي يقع تعرُّض الشيطانِ فيها، وقرأ ابنُ الزُّبَيْر: «مِن الشَّيْطَان تَأَمَّلُوا فإِذَا هُمْ»، وفي مُصْحَفِ أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ «إِذَا طَافَ مِنَ الشَّيْطَانِ طَائِفٌ تَأَمَّلُوا»، وقوله: { مُّبْصِرُونَ }: من البصيرة، أي: فإِذا هم قد تبيَّنوا الحقَّ، ومالوا إليه، والضميرُ في { إِخْوَٰنُهُمْ } ، عائدٌ على الشياطين، وفي { يَمُدُّونَهُمْ } عائدٌ على الكُفَّار، وهم المرادُ بـــ «الإِخوان»، هذا قول الجمهور.

قال * ع *: وقرأ جميعُ السبعة غير نافع: «يَمُدُّونَهُمْ»؛ من مَدَدتُّ، وقرأ نافعٌ: «يَمِدُّونَهُمْ»، من أَمْدَدتْ.

قال الجمهور: هما بمعنًى واحدٍ، إلا أن المستعمَلَ في المحبوب «أَمَدَّ»، والمستعملَ في المكروه «مَدَّ»، فقراءة الجماعةِ جارِيَةٌ على المنهَاج المستعمل، وقراءةُ نافع هي مقيَّدة بقوله: { فِي ٱلْغَيِّ }؛ كما يجوز أَنّ تقيِّد البِشَارَةَ، فتقول: بَشَّرْتُهُ بشرٍّ وَمَدُّ الشياطينِ للكَفَرَةَ، أيْ: ومَنْ نَحا نحوهم: هو بالتزيين لهم، والإِغواءِ المتتابعِ، وقوله: { ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ }؛ من أَقْصَرَ، والضميرُ عائدٌ على الجميع، أي: هؤلاء لا يقصرون عن الإغواء، وهؤلاء لا يُقْصِرُونَ في الطاعة للشياطين.