الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ } * { إِنَّ وَلِيِّـيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّالِحِينَ } * { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلاۤ أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ } * { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ وَتَرَٰهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ }

وقوله سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَٱدْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ... } الآية مخاطبةٌ للكفَّار في تحقير شأْن أصنامهم، وقوله: { فَٱدْعُوهُمْ } أي: فٱختبروا، فإن لم يستجيبوا، فهم كما وصفنا.

وقوله سبحانه: { أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَآ أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ... } الآية. الغرض من هذه الآية { أَلَهُمْ } حواس الحَيِّ وأوصافه، فإِذا قالوا: «لا»، حكموا بأنها جماداتٌ من غير شكٍّ، لا خَيْرَ عندها.

قال الزّهْراوِيُّ: المعنى: أنتم أفضلُ منهم بهذه الجوارح النافعة؛ فكيف تعبدونهم،، ثُمَّ أمر سبحانه نبيَّه عليه السلام أنْ يعجزهم بقوله: { قُلِ ٱدْعُواْ شُرَكَآءَكُمْ } ، أي: ٱستَنْجِدُوهم وٱستَنْفِرُوهم إِلى إِضْرَارِي وكَيْدي، ولا تؤخِّروني، المَعْنَى: فإِن كانوا آلهةً، فسيظهر فعلكم، وَلَمَّا أحالهم على ٱلاستنجادِ بآلهتهم في ضَرَره، وأراهم أنَّ اللَّه سبحانه هو القَادِرُ عَلَى كُلِّ شيء لاَ تلك، عقَّب ذلك بالإِستناد إِلى اللَّه سبحانه، والتوكُّلِ عليه، والإِعلام بأنه وليُّه وناصره، فقال: { إِنَّ وَلِيِّيَ ٱللَّهُ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْكِتَـٰبَ وَهُوَ يَتَوَلَّى ٱلصَّـٰلِحِينَ }.

وقوله: { وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ }؛ إِنما تكرَّر القولُ في هذا، وترَّددت الآياتُ فيه؛ لأن أمر الأصنام وتعظيمها كان متمكِّناً من نفوس العرب في ذلك الزَمانِ، ومستولياً علَى عقولها، فأوعب القولَ في ذلك؛ لُطْفاً منه سبحانه بهم.

وقوله: { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى ٱلْهُدَىٰ لاَ يَسْمَعُواْ... } الآية: قالت فرقةٌ: هذا خطابٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأمته في أمر الكُفَّار، والهاءُ والميمُ في قوله: «تدعوهم» للكفَّار، ووصفهم بأنهم لا يَسْمَعُونَ، ولا يبصرون؛ إِذ لم يتحصَّل لهم عن النَّظَر وٱلاستماع فائدةٌ؛ قاله مجاهدٌ والسدِّي.

وقال الطبريُّ: المرادُ بالضمير المذكور: الأصنامُ، ووصْفُهم بالنظر كنايةً عن المحاذاة والمقابلة؛ ولِمَا فيها من تخييلِ النَّظَر؛ كما تقول: دَارُ فُلاَنٍ تَنْظُر إِلى دار فلان.