الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } * { قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلظَّٰلِمُونَ } * { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ ءَامَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ ٱلْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ }

وقوله تعالَىٰ: { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَـٰرَكُمْ... } الآية { أَخَذَ } معناه أَذْهَبَ، والضمير في { بِهِ } عائد على المأخوذ، و { يَصْدِفُونَ } معناه: يعرضون، وينفرون، ومنه قول الشاعر: [البسيط]
إذَا ذَكَرْنَ حَدِيثاً قُلْنَ أَحْسَنَهُ   وَهُنَّ عَنْ كُلِّ سُوءٍ يُتَّقَى صُدُفُ
وقوله تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغْتَةً... } الآية وعيد وتهديد.

قال: * ع *: { أَرَءيْتُمْ } عند سيبويه: تَتَنَزَّلُ منزلة «أخبروني»؛ ولذلك لا تَحْتَاجُ إلى مفعولين.

وقوله: { بَغْتَةً }: معناه: لم يَتَقَدَّمْ عندكُمْ منه عِلْمٌ، و { وجَهْرَة } ، معناه: تبدو لكم مَخَايلُهُ ومَبَاديه، ثم يَتَوَالَىٰ حتَّىٰ ينزل.

قال الحَسَنُ بْنُ أبي الحَسَنِ: { بَغْتَةً } لَيْلاً و { جَهْرَةً }: نهاراً.

وقال مجاهد: { بَغْتَةً } فُجَاءَةً { ءامِنِينَ }. و { جَهْرَةً }: وهم ينظرون.

قال أبو حَيَّان: { هَلْ يُهْلَكُ }؟ «هل» حَرْفُ استفهام، معناه هنا النَّفْيُ، أي: ما يهلك؛ ولذلك دخَلَتْ «إلاَّ» علَىٰ ما بعدها. انتهى.

وقوله سبحانه: { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ } ،أي: إلاَّ ليبشِّروا بإنعامنا وَرَحْمَتِنَا مَنْ آمن، ومُنْذِرِينَ بعذابنا وعِقَابنا مَنْ كَذَّب وكَفَر، قال أبو حَيَّان: { مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ }: حالٌ فيها معنَى العِلِّيَّة، أي: أرسلناهم للتبشير والإنذار. انتهى.

ثم وَعَدَ سبحانَهُ مَنْ سلَكَ طريقَ البِشَارة، فآمَنَ وأصْلَح في ٱمتثالِ الطاعةِ، وأوعد الآخَرِينَ.