الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يٰلَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ }

وقوله جَلَّتْ عظمته: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } الآية: المُخَاطَبَةُ فيه للنبي صلى الله عليه وسلم وجواب «لو» محذوف، تقديره في آخر الآية: لرأيت هَوْلاً عظيماً ونحوه.

و { وُقِفُواْ } معناه: حسُّوا، ويحتمل قوله: { وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ } بمعنى «دخلوها». قاله الطَّبَرِيُّ.

ويحتمل أن يكون أَشْرَفُوا عليها، وعاينوها.

وقولهم: { يَـٰلَيْتَنَا نُرَدُّ } معناه إلى الدنيا.

وقوله سبحانه: { بَلْ بَدَا لَهُمْ مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ } الآية: يَتَضَمَّنُ أنهم كانوا يُخْفُونَ أموراً في الدنيا، فظهرت لهم يوم القِيَامَةِ، أو ظهر وَبَالُ ذلك وعاقبته، فحذف المُضَاف، وأقيم المضَافُ إليه مقامه.

وقيل: إن الكُفَّارَ كانوا إذَا وَعَظَهُمُ النبي صلى الله عليه وسلم خافوا، وأَخْفَوْا ذلك الخوف لَئلا يشعر بهم أتباعهم، فظهر لهم ذَلِكَ يوم القيامة.

ويصح أن يكون مَقْصِدُ الآية الإخْبَارَ عن هَوْلِ ما لقوه، فعبِّر عن ذلك بأنهم ظَهَرَتْ لهم مَسْتُورَاتهم في الدنيا من مَعَاصٍ وغيرها، فكيف الظَّنُّ بما كانوا يعلنونه من كُفْرٍ ونحوه. وينظر إلى هذا التأويل قوله تعالى في تَعْظِيمِ شَأْنِ يوم القيامة:يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَائِرُ } [الطارق:9]. وقوله سبحانه: { وَلَوْ رُدُّواْ لَعَـٰدُواْ } إخبار عن أَمْرٍ لا يكون كَيْفَ كان يُوجَدُ، وهذا النوع مما اسْتَأْثَرَ اللَّه ـــ تعالى ـــ بعِلْمِهِ، فإن أعلم بشيء منه علم، وإلا لم يُتَكَلَّمْ فيه.

قال الفخر: قال الوَاحِدِيُّ: هذه الآية من الأدلة الظاهرة على فَسَادِ قول المُعْتَزِلةِ؛ لأن اللَّه ـــ تعالى ـــ حَكَىٰ عن هؤلاء أنهم لو رُدُّوا لَعَادُوا لما نُهُوا عنه، وما ذاك إلا لِلْقَضَاءِ السابق فيهم. انتهى.