الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } * { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } * { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } * { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

وقوله سبحانه: { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ } أي: زرعاً يتم { أَمْ نَحْنُ }: وروى أبو هريرة عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: " لاَ تَقُلْ: زَرَعْتُ، وَلَكِنْ قُلْ حَرَثْتُ، ثُمَّ تَلاَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَذِهِ الآية " والحطام: اليابس المُتَفَتِّتُ من النبات الصائر إلى ذهاب، وبه شُبِّهَ حُطَامُ الدنيا و { تَفَكَّهُونَ } قال ابن عباس وغيره: معناه تعجبون، أي: مِمَّا نزل بكم، وقال ابن زيد: معناه: تتفجعون، قال * ع *: وهذا كله تفسير لا يَخُصُّ اللفظة، والذي يخص اللفظةَ هو تطرحون الفكاهةَ عن أنفسكم، وقولهم: { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } قبله محذوف تقديره: يقولون، وقرأ عاصم الجَحْدَرِيُّ: «أَإنَّا لَمُغْرَمُونَ» بهمزتين على الاستفهام، والمعنى يحتمل أَنْ يكونَ: إنا لمغرمون من الغرام، وهو أَشَدُّ العذاب، ويحتمل: إنَّا لمحملون الغرم، أي: غرمنا في النفقةَ، وذَهَبَ زَرْعُنَا، وقد تَقَدَّمَ تفسيرُ المحروم، وأَنَّهُ الذي تبعد عنه مُمْكِنَاتُ الرزق بعد قُرْبها منه، وقال الثعلبيُّ: المحروم ضد المرزوق، انتهى، و { ٱلْمُزْنِ }: هو السحاب، والأُجَاجُ: أشدُّ المياه ملوحةً، و { تُورُونَ } معناه: تقتدحون من الأزند؛ تقول: أوريتُ النارَ من الزِّنَادِ، والزنادُ: قد يكون من حجر وحديدة، ومن شجر، لا سيما في بلاد العرب، ولا سيما في الشجر الرَّخْوِ؛ كالمَرَخِ والعفار والكلخ، وما أشبهه، ولعادة العرب في أزنادهم من شجر قال تعالى: { ءَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا } أي: التي تقدح منها { أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَـٰهَا }: يعني نار الدنيا { تَذْكِرَةً } للنار الكبرى، نارِ جهنم؛ قاله مجاهد وغيره، والمتاع: ما يُنْتَفَعُ به، والمُقْوِينَ: في هذه الآية الكائنين في الأرض القَوَاءِ، وهي الفَيَافي، ومن قال معناه: للمسافرين فهو نحو ما قلناه، وهي عبارة ابن عباس ـــ رضي اللَّه عنه ـــ تقول: أَقْوَى الرَّجُلُ: إذا دَخَلَ في الأرض القَوَاءِ.