الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلآخِرِينَ } * { وَأَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ مَآ أَصْحَابُ ٱلشِّمَالِ } * { فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ } * { وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ } * { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ } * { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } * { وَكَانُواْ يِقُولُونَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } * { أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ } * { قُلْ إِنَّ ٱلأَوَّلِينَ وَٱلآخِرِينَ } * { لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ }

وقوله سبحانه: { ثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ ٱلأَخِرِينَ } قال الحسن بن أبي الحسن وغيره: الأولون سالف الأُمَمِ، منهم جماعةٌ عظيمة أصحابُ يمين، والآخِرُونَ: هذه الأُمَّةُ، منهم جماعة عظيمة أهلُ يمين، قال * ع *: بل جميعهم إلاَّ مَنْ كان مِنَ السابقين، وقال قوم من المتأولين: هاتان الفرقتان في أُمَّةِ محمد، ورَوَى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّه قال: " الثُّلَّتَانِ مِنْ أُمَّتِي " ، وروى ابن المبارك في «رقائقه» عن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: " إنَّ أُمَّتِي ثُلُثَا أَهْلِ الجَنَّةِ، وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، وَإنَّ أُمَّتِي مِنْ ذَلِكَ ثَمَانُونَ صَفًّا " انتهى.

وقوله سبحانه: { وَأَصْحَـٰبُ ٱلشِّمَالِ... } الآية: في الكلام معنى الإنحاء عليهم وتعظيم مصائبهم، والسَّمُومُ: أشد ما يكون من الحَرِّ اليابس الذي لا بَلَلَ معه، والحميم: السخن جِدًّا من الماء الذي في جهنم، واليَحْمُومُ: هو الدخانُ الأسودُ يُظِلُّ أهلَ النار؛ قاله ابن عباس والجمهور، وقيل: هو سرادق النار المحيط بأهلها؛ فإنَّهُ يرتفع من كل ناحية حتى يُظِلَّهُم، وقيل: هو جبل في النار أسود.

وقوله: { وَلاَ كَرِيمٍ } معناه: ليس له صفة مدح، قال الثعلبيُّ: وعن ابن المُسَيِّبِ { وَلاَ كَرِيمٍ } أي: ولا حسن نظيره من كل زوج كريم، وقال قتادة: { لاَّ بَارِدٍ }: النزل { وَلاَ كَرِيمٍ }: المنظر، وهو الظِلُّ الذي لا يغني من اللهب، انتهى، والمُتْرَفُ: المُنَعَّمُ في سَرَفٍ، وتخوض، و { يُصِرُّونَ } معناه: يعتقدون اعتقاداً لا ينزعون عنه، و { ٱلْحِنثِ }: الإثم، وقال الثعلبيُّ: { وَكَانُواْ يُصِرُّونَ }: يقيمون { عَلَى ٱلْحِنثِ ٱلْعَظِيمِ } أي: الذنب، انتهى، ونحوهُ للبخاريِّ، وهو حَسَنٌ نحو ما في الرسالة، قال قتادة وغيره: والمراد بهذا الإثم العظيم: الشركُ، وباقي الآية في استبعادهم للبعث، وقد تقدم بيانه.