الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ فَأَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَيْمَنَةِ } * { وَأَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ مَآ أَصْحَابُ ٱلْمَشْأَمَةِ } * { وَٱلسَّابِقُونَ ٱلسَّابِقُونَ } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } * { فِي جَنَّاتِ ٱلنَّعِيمِ }

وقوله سبحانه: { فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ }: ابتداء، و { مَا } ابتداء ثانٍ، { فَأَصْحَـٰبُ ٱلْمَيْمَنَةِ }: خبرُ { مَا } ، والجملة خبر الابتداء الأوَّلِ، وفي الكلام معنى التعظيم؛ كما تقول: زيد ما زيد، ونظير هذا في القرآن كثير، والميمنة أظهر ما في اشتقاقها أَنَّها من ناحية اليمين، وقيل من اليمْن، وكذلك المشأمة: إمَّا أَنْ تكونَ من اليد الشُّؤْمى، وإمَّا أَنْ تكونَ من الشؤم، وقد فُسِّرَتِ الآيةُ بهذين المعنيين.

وقوله تعالى: { وَٱلسَّـٰبِقُونَ }: ابتداء، و { ٱلسَّـٰبِقُونَ } الثاني: قال سيبويه: هو خبر الأَوَّلِ، وهذا على معنى تفخيم الأمر وتعظيمه، وقال بعض النحاة: السابقون الثاني نَعْتٌ للأوَّلِ، ومعنى الصفة أَنْ تقولَ: والسابقون إلى الإيمان السابقونَ إلى الجنة والرحمة أَولئك، وَيَتَّجِهُ هذا المعنى على الابتداء والخبر.

وقوله: { أُوْلَـئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ }: ابتداء وخبر، وهو في موضع الخبر؛ على قول مَنْ قال: { ٱلسَّـٰبِقُونَ } الثاني صِفَةٌ، و { ٱلْمُقَرَّبُونَ }: معناه: مِنْ اللَّه سبحانه في جَنَّةِ عَدَنٍ، فالسابقون معناه: الذين قد سبقت لهم السعادة، وكانت أعمالُهُمْ في الدنيا سبقاً إلى أعمال البِرِّ وإلى ترك المعاصي، فهذا عمومٌ في جميع الناس، وخَصَّصَ المفسرون في هذه أشياء تفتقر إلى سند قاطع، " ورُوِيَ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ السَّابِقِينَ؟ فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ إذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ، وَإذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ، وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ بِحُكْمِهِمْ لأَنْفُسِهِمْ» " والمقربون عبارة عن أعلى منازل البشر في الآخرة، قال جماعة من أهل العلم: هذه الآية متضمنة أَنَّ العالم يومَ القيامة على ثلاثة أصناف.