الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ } * { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَآقُّواْ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَىٰ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ }

وقوله سبحانه: { وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَـٰكَهُمْ... } الآية، لم يُعَيِّنْهُم سبحانه بالأسماء والتعريف التامّ؛ إبقاءً عليهم وعلى قراباتهم، وإنْ كانوا قد عُرِفُوا بلحن القول، وكانوا في الاشتهار على مراتبَ كابنِ أُبَيٍّ وغيره، والسِّيما: العلامة، وقال ابن عباس والضَّحَّاكُ: إنَّ اللَّه تعالى قد عَرَّفَهُ بهم في سورة براءة بقوله:وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً } [التوبة:84] وفي قوله:فَقُل لَّن تَخْرُجُواْ مَعِىَ أَبَدًا وَلَن تُقَـٰتِلُواْ مَعِىَ عَدُوًّا } [التوبة:83] قال * ع *: وهذا في الحقيقة ليس بتعريف تامٍّ، ثم أخبر تعالى أَنَّهُ سيعرفهم في لحن القول، أي: في مذهب القول ومنحاه ومَقْصِدهِ، واحتجَّ بهذه الآية مَنْ جعل الحَدَّ في التعريض بالقذف.

* ص *: قال أبو حيان: «ولتعرفنهم» اللام جواب قسم محذوف، انتهى.

وقوله سبحانه: { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَـٰلَكُمْ } مخاطبة للجميع من مؤمن وكافر.

وقوله سبحانه: { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّىٰ نَعْلَمَ ٱلْمُجَـٰهِدِينَ مِنكُمْ وَٱلصَّـٰبِرِينَ... } الآية، كان الفُضَيْلُ بن عِيَاضٍ إذا قرأ هذه الآية بكى، وقال: اللهم لا تبتلنا فإنك إنْ بلوتنا فضحتنا، وهتكت أستارنا.

وقوله سبحانه: { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَشَاقُّواْ ٱلرَّسُولَ... } الآية، قالت فرقة: نزلت في بني إسرائيل، وقالت فرقة: نَزَلَتْ في قوم من المنافقين، وهذا نحو ما تقدم، وقال ابن عباس: نزلت في المطعمين في سفرة بدر، وقالت فرقة: بل هِي عامَّةٌ في كل كافر.

وقوله: { لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً } تحقيرٌ لهم.