الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } * { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } * { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ }

وقوله: { أَمْ أَنَا خَيْرٌ } قال سِيبَوَيْهِ: «أَمْ» هذه المعادلةُ، والمعنى: أفأنتم لا تبصرون؟ أم تبصرون، وقالت فرقة: «أم» بمعنى «بل»، وقرأ بعض الناس: «أَمَا أَنَا خَيْرٌ» حكاه الفَرَّاءُ، وفي مصحف أُبَيِّ بن كعب: «أَمْ أَنا خَيْرٌ أَمْ هَذَا» و { مُّهِينٌ } معناه: ضعيف، { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } إشارةٌ إلى ما بقي في لسان موسَىٰ من أَثَرِ الجَمْرَة، وكانت أحدثَتْ في لسانه عُقْدَةً، فَلَمَّا دعا في أَنْ تُحَلَّ لِيُفْقَهَ قولُهُ، أُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ، لكِنَّهُ بقي أثرٌ كان البيانُ يقع معه، فَعَيَّرَهُ فرعونُ به.

وقوله: { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } يقتضى أَنَّه كان يُبِين.

وقوله: { فَلَوْلاَ أُلْقِىَ عَلَيْهِ }: يريد من السماء، على معنى التكرمة، وقرأ الجمهور: «أَسَاوِرَةٌ» وقرأ حفص عن عاصم: «أَسْوِرَةٌ» وهو ما يجعل في الذِّرَاعِ من الحلي، وكانت عادة الرجال يومئذ لُبْسَ ذلك والتَّزَيُّنَ به.

* ت *: وذكر بعض المفسرين عن مجاهد أَنَّهم كانوا إذا سَوَّدُوا رجلاً سَوَّرُوهُ بِسِوَارٍ، وَطَوَّقُوهُ بِطَوْقٍ من ذهب؛ علامةً لسيادته، فقال فرعون: هلا ألقى رَبُّ موسَىٰ على موسَىٰ أساورةً من ذهب، أو جاء معه الملائكةُ مقترنين مُتَتَابعين، يُقَارِنُ بعضُهُمْ بَعْضاً، يمشون معه شاهدين له، انتهى، وقال * ع *: قوله: { مُقْتَرِنِينَ }: أي: يحمونه، ويشهدون له، ويقيمون حُجَّتَهُ.

* ت *: وما تقدَّم لغيره أحسنُ، ولا يُشَكُّ أنْ فرعونَ شَاهَدَ مِنْ حماية اللَّه لموسَىٰ أموراً لم يَبْقَ معه شَكٌّ في أنَّ اللَّه قَدْ مَنَعَهُ منه.

وقوله سبحانه: { ءَاسَفُونَا } معناه: أغضبونا بلاَ خِلاَفٍ.

وقوله: { فَجَعَلْنَـٰهُمْ سَلَفاً } «السلف»: الفارط المُتَقَدِّمُ، أي: جعلناهم متقدِّمين في الهلاك؛ لِيَتَّعِظَ بهم مَنْ بعدهم إلى يوم القيامة، وقال البخاريُّ: قال قتادةُ: { وَمَثَلاً لِّلأَخِرِينَ } عِظَةً، انتهى.