الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَآءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ } * { إِلاَّ ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } * { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

وقوله سبحانه: { وَإِذْ قَالَ إِبْرٰهِيمُ } المعنى: واذكر إذ قال إبراهيم لأبيه وقومه: { إِنَّنِى بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ } أي: فافعل أنْتَ فِعْلَهُ، وتَجَلَّدْ جَلَدَهُ، وَ { بَرَاءٌ }: صفة تجري على الوَاحِدِ والاثْنَيْنِ والجَمْعِ؛ كَعَدْلٍ وَزَوْرٍ، وقرأ ابن مسعود: «بَرِيءٌ».

وقوله: «إلا الذي فطرني» قالت فرقة: الاستثناء مُتَّصِلٌ، وكانوا يعرفون اللَّه ويُعَظِّمُونه، إلاَّ أَنَّهم كانوا يشركون معه أصنامهم، فكأَنَّ إبراهيم قَالَ لهم: أنا لا أوافقكم إلاَّ على عبادة اللَّه الذي فطرني، وقالت فرقة: الاستثناء مُنْقَطِعٌ، والمعنى: لكنَّ الذي فطرني هو معبودي الهادي المُنْجي من العذاب، وفي هذا استدعاءٌ لهم، وترغيبٌ في طاعةِ اللَّه، وتطميع في رحمته.

والضمير في قوله: { وَجَعَلَهَا كَلِمَةً... } الآية، قالت: فرقة: هو عائد على كلمته بالتوحيد في قوله { إِنَّنِى بَرَاءٌ } وقال مجاهد وغيره: المراد بالكلمة: لا إله إلا اللَّه، وعاد عليها الضمير، وإنْ كان لم يجر لها ذكر؛ لأَنَّ اللفظ يتضمَّنها، والعَقِبُ: الذُّرِّيَّةُ، ووَلَدُ الوَلَدِ ما امتدَّ فرعهم.