الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { عۤسۤقۤ } * { كَذَلِكَ يُوحِيۤ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ } * { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ }

قوله تعالى: { حـمۤ عۤسۤقۤ } قال الثعلبيُّ: قال ابن عباس: إنَّ { حـمۤ عۤسۤقۤ } هذه الحروف بأعيانِهَا نزلَتْ في كُلَّ كُتُبِ اللَّهِ المُنَزَّلَةِ علَىٰ كُلِّ نَبِيٍّ أُنْزِلَ عليه كتاب؛ ولذلك قال تعالى: { كَذَلِكَ يُوحِى إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ } ، وقرأ الجمهور: { يُوحِى } بإسناد الفعل إلى اللَّه تعالى، وقرأ ابن كثير وحده: «يوحَى» ـــ بفتح الحاء ـــ على بناء الفعل لِلْمَفْعُولِ، والتقدير: يُوحِي إليكَ القرآنَ.

وقوله تعالى: { وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ }: يريدُ من الأنبياءِ الذين نَزَلَ عليهم الكتابُ، وقرأ نافع والكسائيُّ «يَتَفَطَّرْنَ»، وقرأ أبو عمرو، وعاصم: «يَنْفَطِرْنَ» والمعنى فيهما: يتصدَّعْنَ ويتشقَّقْنَ، خضوعاً وخشيةً من اللَّه تعالى، وتعظيماً وطاعةً.

وقوله: { مِن فَوْقِهِنَّ } أي: من أعلاهن، وقال الأخفشُ، عليُّ بْنُ سُلَيْمَان: الضمير في { مِن فَوْقِهِنَّ } للكُفَّار، أي: من فوق الجماعاتِ الكافرةِ والفِرَقِ المُلْحِدَةِ مِنْ أجْلِ أقوالها تَكادُ السَّمٰواتُ يتفطَّرْنَ، فهذه الآية على هذا كالتي في «كۤهيعۤصۤ»:تَكَادُ ٱلسَّمَـٰوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } [مريم:90] الآية، وقالت فرقة: معناه: من فوق الأرضين، إذْ قد جَرَىٰ ذِكْرُ الأرض.

وقوله تعالى: { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِى ٱلأَرْضِ } قالَتْ فرقةٌ: هذا منسوخٌ بقوله تعالى:وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [غافر:7] قال * ع *: وهذا قولٌ ضعيفٌ، لأَنَّ النَّسْخ في الأخبار لاَ يُتَصَوَّرُ، وقال السَّدِّيُّ ما معناه: إنَّ ظاهر الآية العمومُ، ومعناها الخصوصُ في المؤمنين، فكأنَّه قال: ويستغفرون لمن في الأرض من المؤمنين، وقالت فرقة: بل هِيَ علَىٰ عمومها: لكنَّ استغفارَ الملائكة ليس بطَلَبِ غفرانٍ للكفرة مَعَ بقائهم على كُفْرهم، وإنَّما استغفارهم لهم بمعنى طلب الهداية التي تُؤَدِّي إلى الغفران لهم، وتأويل السُّدِّيِّ أرجحُ.