الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ } * { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { إِذِ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وٱلسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ } * { فِي ٱلْحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ } * { ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ } * { مِن دُونِ ٱللَّهِ قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلْكَافِرِينَ } * { ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } * { ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }

وقوله تعالى: { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ... } الآيَةُ في الكُفَّارِ المُجَادِلِينَ في رِسَالَةِ نبيِّنا محمَّد ـــ عليه السلام ـــ و { يُسْحَبُونَ } معناه يُجَرُّونَ، والسَّحْبُ: الجَرُّ والحَمِيمُ الذائبُ الشديدُ الحَرِّ من النَّارِ، و { يُسْجَرُونَ }: قال مجاهد: معناه تُوَقَدُ النَّارُ بهِم، والعَرَبُ تَقُول؛ سَجَرْتُ التَّنُّورَ: إذا مَلأْتَهُ نَاراً، وَقَالَ السُّدِّيُّ: يُسْجَرُونَ: يَحْرَقُونَ، ثم أخْبَرَ تعالى؛ أنهم يُقَالُ لهم: أين الأصْنَامُ التي كُنْتُم تَعْبُدونَ في الدنيا؟ فيقولون: ضَلُّوا، أي: تلفوا لنا وغَابوا، ثُمَّ تضْطَرِبُ أَقْوَالُهُمْ ويَفْزَعُونَ إلى الكَذِبِ، فيقولونَ: { بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً } ثم يقال لهؤلاءِ الكفَّارِ المعذبين: { ذٰلِكُمْ }: العذابُ الذي أنتم فيه { بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ } في الدنيا بالمعاصي والكفرِ، و { تَمْرَحُونَ } قال مجاهد: معناه: الأشَرُ والبَطَر.

وقوله تعالى: { ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ } معناه: يقالُ لَهُمُ قبل هذهِ المحاورةِ في أول الأمْرِ: ادْخُلُوا؛ لأنَّ هذه المخاطبةَ إنما هي بعدَ دُخولهمِ، ثم آنَسَ تعالى نبيَّه، وَوَعَدَهُ بقَولهِ: { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } أي: في نصرك وإظهار أمرِك؛ فإنَّ ذلك أَمْرٌ إما أنْ تَرَىٰ بَعْضَهُ في حياتِكَ، فَتَقَرَّ عَيْنُكَ به، وإما أنْ تَمُوتَ قَبْلَ ذلك، فإلَىٰ أمرنا وتَعْذِيبِنَا يَصِيرُونَ ويَرْجِعُونَ.

قال أبو حيَّان: و«ما» في «إمَّا» زائدةٌ لتأكِيدِ معنى الشَّرْطِ، انتهى.