وقوله تعالى: { سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ... } الآية: لما وصَفَ اللَّه سبحانه المحقِّقين في المْتَارَكَة وإلقاءِ السَّلَم، نَبَّهَ على طائفةٍ مخادِعَةٍ كانوا يريدُونَ الإقامَةَ في مَوَاضِعِهِمْ مع أهليهم، يقُولُونَ لهم: نَحْنُ معكم وعَلَىٰ دينَكُمْ، ويقولُونَ أيضاً للمسلمين: نَحْنُ معَكُمْ، وعلَىٰ دينكم؛ خَبْثَةً منهم وخَديعَةً، وقوله: { إِلَى ٱلْفِتْنِةِ }: معناه: إلى الاِختبارِ، حُكِيَ أنهم كانُوا يَرْجِعُون إلى قومهم، فيقالُ لأحدِهِمْ: قل: رَبِّيَ الخُنْفُسَاءُ، رَبِّيَ العودُ، رَبِّيَ العَقْرَبُ، ونحوه، فيقولُهَا، ومعنى: { أُرْكِسُواْ }: أيْ: رَجَعوا رَجْعَ ضلالةٍ، أي: أُهْلِكُوا في الاختبار بما واقَعُوهُ من الكُفْر، وهذه الآيةُ حَضٌّ علَىٰ قتل هؤلاءِ المُخَادِعِينَ؛ إذا لم يَرْجِعُوا عَنْ حالهم، و { ثَقِفْتُمُوهُمْ }: مأخوذٌ من الثِّقَافِ، أي: ظَفرتُمْ بهم، مَغْلوبينَ متمكَّناً منْهم، والسُّلطانُ: الحُجَّة، قال عكرمةُ: حيثما وقع السلطانُ في كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، فهو الحُجَّة.