الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً }

قوله تعالى: { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ }: سبب الآيةِ ما ٱعتادَتْه بعضُ قبائلِ العَرَبِ أنْ يَخْلُفَ ابنُ الرَّجُلِ على امرأةِ أَبِيهِ، وقد كان في العَرَب من تَزَوَّجَ ٱبْنَتَهُ، وهو حَاجِبُ بْنُ زُرارة.

واختلف في مقتضَىٰ ألفاظ الآية.

فقالَتْ فرقةٌ: قوله: { مَا نَكَحَ } ، يريد: النساءَ، أي: لا تنكحوا النساءَ اللواتي نكَحَ آباؤكم، وقوله: { إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } ، معناه: ولكنْ ما قَدْ سَلَفَ، فَدَعُوهُ، وقال بعضهم: المعنَىٰ: لكنْ ما قد سَلَفَ، فهو مَعْفُوٌّ عنكم لِمَنْ كان واقَعَهُ، فكأنه قال: ولا تفعلوا، حَاشَا ما قد سَلَفَ، وقالتْ فرقة: معناه: لا تَنْكِحُوا كَمَا نَكَح آباؤكم مِنْ عقودهم الفاسدةِ إلاَّ ما قَدْ سَلَفَ منْكم مِنْ تلك العقودِ الفاسدةِ، فمباحٌ لكم الإقامةُ علَيْه في الإسلامِ، إذا كان ممَّا يقرِّر الإسلامُ عَلَيْه، وقيل: إلا ما قد سَلَفَ، فهو معفوٌّ عنكم، وقال ابن زَيْدٍ: معنى الآية: النهْيُ عن أَنْ يطاء الرجُلُ امرأةً وطئها الأبُ، إلاَّ ما سَلَفَ من الآباءِ في الجاهليَّة مِنَ الزِّنا بالنساءِ، لا علَىٰ وجه المُنَاكَحَةِ، فذلك جائزٌ لكُمْ؛ لأنَّ ذلك الزنَا كَانَ فاحشةً، والمَقْتُ: البُغْض والاحتقارُ، بسبب رذيلة يفعلها الممقُوتُ، { وَسَاءَ سَبِيلاً }: أي: بئْسَ الطريقُ والمنهجُ لِمَنْ يسلكه؛ إذ عاقبته إلَىٰ عذاب اللَّه.

قال * ص *: «سَاءَ» للمبالغةِ فِي الذمِّ؛ كـ «بِئْسَ»، وسَبِيلاً: تفسيرُهُ، والمخصوصُ بالذمِّ محذوفٌ، أي: سبيلُ هذا النكاحِ؛ كقوله تعالى:بِئْسَ ٱلشَّرَابُ } [الكهف: 29]، أي: ذلِكَ الماءُ انتهى.