الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً }

وقوله تعالى: { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ... } الآية: الضميرُ في «يستخفون» للصِّنْفِ المرتكبِ للمعاصِي، ويندرجُ في طَيِّ هذا العموم أهْلُ الخيانةِ في النازلة المذكورةِ، وأهْلُ التعصُّب لهم، والتَّدْبيرِ في خَدْعِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والتلبيسِ عليه، ويحتملُ أَنْ يكونَ الضميرُ لأَهْلِ هذه النازلةِ، ويدْخُلُ في معنى هذا التوبيخِ كلُّ من يفعل نَحْوَ فعلهم، قال صاحبُ «الكَلِمِ الفَارِقِيَّة، والحِكمِ الحقيقيَّة»: النفوسُ المرتكبةُ للمحارِمِ؛ المحتقبَةُ للمآثِمِ، والمَظَالِمِ؛ شبيهةٌ بالأراقم، تملأ أفواهَهَا سُمًّا، وتقصدُ مَنْ تقذفُهُ عَلَيْه عدواناً وظلماً، تجمعُ في ضمائرها سُمُومَ شُرُورِهَا وضَرَرها، وتحتالُ لإلقائها على الغافَلَينَ عَنْ مكائدهَا وخُدَعِهَا. انتهى.

ومعنى: { وَهُوَ مَعَهُمْ } ، بالإحَاطَةِ والعِلْمِ والقُدْرَةِ، ويبيِّتون: يدبِّرون لَيْلاً، ويحتمل أنْ تكون اللفظة مأخوذةً من البَيْت، أي: يستَتِرُونَ في تَدْبِيرِهمْ بالجُدُرَاتِ.