الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ } * { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ } * { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي ٱلأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِـيجُ فَـتَرَاهُ مُصْفَـرّاً ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَاماً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ }

وقوله تعالى: { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِى ٱلنَّارِ } قالت فرقةٌ: معنى الآيةِ: أَفَمَنْ حَقَّتْ عَلَيْه كلمةُ العَذَابِ فَأَنْتَ تُنْقِذهُ، لكنَّه زَادَ الهَمْزَةَ الثانيةَ؛ تَوْكِيداً، وأظْهرَ الضميرَ تَشْهيراً لهؤلاءِ القَومِ وإظهاراً لِخِسَّةِ منازِلهم.

وقوله تعالى: { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ } الآية مُعَادَلَةٌ وتَحْضِيضٌ على التقوَىٰ، وعَادَلَتْ { غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ } ما تَقَدَّمَ مِنَ الظُّلَلِ فَوْقَهُمْ وَتَحْتَهُمْ، والأحاديثُ الصحيحةُ في هذا البابِ كثِيرةٌ، ثُمَّ وَقَفَ تَعالَىٰ نبيَّه ـــ عليه السلام ـــ وأُمَّتَهُ على مُعْتَبَرٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ، فقال: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ مَاءً... } الآية، قال الطبريُّ: الإشارةُ إلى ماءِ المطرِ ونَبْعِ العيونِ منه، { فَسَلَكَهُ } معناه: أجْرَاهُ وأدْخَلَهُ في الأرضِ، و { يَهِـيجُ } معناه: يَيْبَسُ، وهاجَ الزَّرْعُ والنباتُ: إذَا يَبِسَ، والحُطَامُ: اليابِسُ المُتَفَتِّتُ، ومعنى «لَذِكْرَىٰ» أيْ: للبَعْث من القبورِ وإحياء الموتَىٰ؛ على قياسِ هذا المِثَالِ المذكورِ.