الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } * { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } * { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ }

وقوله تعالى: { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِى إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدّينِ * قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِى إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ * إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } الآية، «الرَّجِيمُ» أي: المرجُومُ بالقولِ السَّيِّىءِ، واللعنةَ: الإبْعَادُ.

وقوله سبحانه: { فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } قال مجاهدٌ: المعنى: فالحقُّ أنا، وقرأ الجمهور: «فالْحَقَّ وَالحَقَّ» بِنَصْبِ الاثْنَيْنِ، فأما الثاني، فمنصوبٌ بـ«أقول» وأما الأوَّلُ فَيَحْتَمِلُ أنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الإغْرَاءِ، ويحتملُ أنْ ينتصبَ على القَسَمِ، على إسقاط حرفِ القَسَمِ، كأنه قال: فَوَالحَقِّ؛ ثم حَذَفَ الحَرْفَ؛ كَمَا تَقُولُ: اللَّهَ، لأَفْعَلَنَّ، تريدُ واللَّهِ؛ ويقوِّي ذلك قولُه: { لأَمْلاَنَّ } وقد قال سِيبَوَيْهِ: قلتُ للخَلِيلِ: ما معْنَى: «لأَفْعَلَنَّ» إذا جاءتْ مبتدأَةً؟ فقال: هي بتقديرِ قَسَمٍ مَنْوِيٍّ، وقالَتْ فرقةٌ: «الحَقَّ» الأول منصوبٌ بفعلِ ومُضمر، وقرأ ابن عباس: «فَالحَقُّ وَالحَقُّ» برفعِ الاثنين، وقرأ عاصمٌ وحمزة: «فَالحَقُّ» بالرفع، وَ«الحَقَّ» ـــ بالنصب ـــ، وهي قراءةُ مجاهدٍ وغيرِه.

ثم أمر تعالى نبيَّه [أنْ] يخبرَهم بأنه ليس بسائلٍ منهم عليه أجراً وأنه ليس ممن يتكَلَّفُ ما لم يُجْعَلْ إليه، ولا يَخْتَلِي بغيرِ ما هُوَ فيه، قال الزُّبَيْرُ بْنُ العَوَّامِ: نادَىٰ منادِي النبيِّ صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لِلَّذِينَ لاَ يَدَّعُونَ، ولاَ يَتَكَلَّفُونَ؛ أَلاَ إنِّي بَرِيءٌ مِنَ التَّكَلُّفِ وَصَالِحُو أُمَّتِي ".