وقوله تعالى: { أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ... } الآية، عبارةُ الثعلبيّ: { أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ } يعني: مَفاتيح النبوَّة حتى يُعْطُوا مَنِ ٱخْتَارُوا، نظيرَهَا{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبّكَ } [الزخرف:32].
قوله تعالى: { أَمْ لَهُم مٌّلْكُ ٱلسَّمَـٰوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } يعني: أنَّ ذلكَ للَّهِ تعالى؛ يَصْطَفِي مَنْ يَشَاءُ { فَلْيَرْتَقُواْ فِى ٱلأَسْبَابِ } فَلْيَصْعَدُوا فِيمَا يُوَصِّلُهُمْ إلى السمواتِ، فليأتوا منها بالوحي إلَىٰ مَنْ يختارونَ، وهذا أمْرُ توبيخٍ وتَعْجِيزٍ، انتهى، ونحوه كلامُ * ع.
ثم وعدَ اللَّهُ نبيَّهُ النَّصْرَ، فقال: { جُندٌ مَّا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ } أي: مَغْلُوبٌ ممنوعٌ مِن الصُّعُودِ إلى السماء، { مِّن ٱلأَحَزَابِ } أي: من جملة الأحزابِ، قال * ع *: وهذا تأويل قَوِيٌّ، وقالت فرقة: الإشارة بـ { هُنَالِكَ } إلى حمايةِ الأصْنَامِ وعَضْدِهَا، أي: هؤلاءِ القومُ جندٌ مهزومٌ في هذهِ السبيلِ، وقال مجاهد: الإشارةُ بـ«هنالكَ» إلى يوم بدر، وهي من الأمورِ المُغَيَّبَةِ أُخْبِرَ بها عليه السلام.
«وما» في قوله: { جُندٌ مَّا } زائدةٌ مؤكِّدةٌ، وفيها تخصيصٌ، وباقي الآية بيِّنٌ.
وقال أبو حَيَّانَ { جُندٌ } خَبَرُ مبتدإٍ محذوفٍ، أي: هُمْ جُنْدٌ وما زَائِدَة أو صِفَة أُريدَ بها التعظيمُ على سبيل الهُزْءِ بهم أو الاسْتِخْفَافِ؛ لأن الصفةَ تُسْتَعْمَلُ على هذينِ المعنيينِ، و { هُنَالِكَ } ظرفُ مكانٍ يُشَارُ بهِ إلى البَعِيدِ، في مَوْضِعِ صِفَةٍ لـ { جُندٌ } ، أي: كائنٌ هنالك، أو متعلِّقٌ بـ { مَهْزُومٌ } ، انتهى.