الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } * { فَٱطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { قَالَ تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } * { وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } * { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ } * { إِلاَّ مَوْتَتَنَا ٱلأُولَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَامِلُونَ }

وقوله تعالى: { قَالَ هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } الآية، في الكلامِ حَذْفٌ، تقديرُه: فقالَ لِهذَا الرجلُ حاضِرُوهُ مِنَ الملائِكَةِ: إنَّ قَرِينَكَ هذا في جَهَنَّمَ يُعَذَّبُ فقال عند ذلك: { هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ } يخَاطِبُ بـ«أَنْتُم» الملائكةَ أو رفقاءَه في الجنةِ أو خَدَمَتَهُ؛ وَكُلَّ هذا حَكَى المَهْدَوِيُّ، وقَرَأ أبو عمرو في رواية حُسَيْنٍ «مُطْلِعُونَ» بسكون الطاء وفتح النون، وقرِىء شاذًّا «مُطْلِعُونِ» ـــ بسكون الطاء وكسر النون ـــ، قال ابن عباس وغيره: { سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } وَسَطُه، فقال له المؤمِنُ عند ذلك: { تَٱللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ } أي: لَتُهْلِكُنِي بإغْوائِكَ، والرَّدَى: الهلاكُ، وقولُ المؤمِنِ: { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ } إلى قوله: { بِمُعَذَّبِينَ } يحتملُ أن تكونَ مخاطبةً لِرُفَقَائِهِ في الجَنَّةِ، لمَّا رَأَىٰ مَا نَزَلَ بِقَرِينِهِ، ونَظَرَ إلى حالِه في الجنَّةِ وحالِ رُفَقَائِهِ؛ قَدَّرَ النعمةَ قَدْرَهَا، فَقَالَ لهم على جهة التوقيفِ على النِّعْمَةِ: أفما نحن بميِّتين ولا معذَّبين، ويجيء على هذا التأويل قوله: { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } إلى قوله: { ٱلْعَـٰمِلُونَ } مُتَّصِلاً بكَلاَمِهِ خِطَاباً لرفقائهِ، ويحتمل قوله: { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ } أن تكونَ مخاطبةً لقرينِه؛ على جهة التوبيخ، كأنَّه يقول: أين الذي كنتَ تقولُ من أنَّا نموتُ وَلَيْسَ بَعْدَ الموتِ عِقَابٌ ولا عَذَابٌ، ويكونُ قولُه تعالَىٰ: { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } إلى قوله: { ٱلْعَـٰمِلُونَ } يحتمل أنْ يَكُونَ من خِطَابِ المُؤْمِنِ لقرينهِ؛ وإليه ذَهَبَ قتادة، ويحتملُ أنْ يَكُونَ من خِطَابِ اللَّه ـــ تعالَىٰ ـــ لمحمَّد ـــ عليه السلام ـــ وأُمَّتِه، ويُقَوِّي هذَا قَوْلُهُ: { لِمِثْلِ هَـٰذَا فَلْيَعْمَلِ ٱلْعَـٰمِلُونَ } وهُوَ حَضٌّ عَلى العَمَلِ؛ والآخِرَةُ لَيْسَتْ بِدَارِ عَمَلٍ