الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } * { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

وقوله تعالى: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أمْرٌ لنبيِّهِ بالمُوَادَعَةِ، وَوَعْدٌ جَمِيلٌ، و { حَتَّىٰ حِينٍ } قيل هو يومُ بَدْرٍ، وقِيل: يومُ القيامةِ.

وقولهُ تَعَالَىٰ: { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } وَعْدٌ للنَّبي صلى الله عليه وسلم وَوَعِيدٌ لهُمْ، ثم وبَّخهم على استعجالِ العذَابِ { فَإِذَا نَزَلَ } أي: العذابُ، { بِسَاحَتِهِمْ فَسَاءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } والساحةُ الفِنَاء، وسُوءُ الصباح: أيضاً مستعملٌ في وُرُودِ الغَارَاتِ، قلْتُ: ومنه قولُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَشْرَفَ عَلَىٰ خَيْبَرَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إنَّا إذا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ، فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ " انتهى، وقَرَأَ ابن مسعود: «فَبِئْسَ صَبَاحٌ»، والعزة في قولهِ: { رَبِّ ٱلْعِزَّةِ } هي العزة المَخْلُوقَةُ الكائِنَةُ للأنبياءِ والمؤمِنينَ؛ وكذلك قال الفقهاءُ مِنْ أجْلِ أنَّها مَرْبُوبَةٌ؛ قال محمدُ بن سُحْنُونَ وغيره: مَنْ حَلَفَ بعزَّةِ اللَّهِ، فَإنْ كَانَ أرادَ صِفَتَهُ الذَّاتِيَّةَ، فَهِي يَمينٌ، وإنْ كَانَ أَرَادَ عِزَّتَهُ الَّتِي خَلَقَ بَيْنَ عِبَادِهِ، وَهي الَّتِي في قَوْلِه: { رَبِّ ٱلْعِزَّةِ } فَلَيْسَتْ بَيَمِينٍ، ورُوِيَ عَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: " إذا سَلَّمْتُمْ عَليّ، فَسَلِّمُوا عَلَى المُرْسَلِينَ؛ فإنَّما أَنَا أحَدُهُمْ " صلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَعَلَى آله وعَلَىٰ جميع النبيِّين وسلَّم.