وقوله تعالى: { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً } الجِنَّةُ هنا: قيل: همُ الملائِكَةُ: لأنها مُسْتَجِنَّةٌ، أي: مُسْتَتِرَةٌ، وقيل: الجِنَّةُ همُ الشياطينُ، والضميرُ في { وَجَعَلُواْ } لفِرْقَةٍ من كفارِ قريشٍ والعَرَبِ، { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } أي: سَتَحْضُرُ أَمْرَ اللَّهِ وثوابَه وعقابَه، ثم نَزَّهَ ـــ تعالى ـــ نفسَه عما يصِفُهُ الكفرةُ، ومِنْ هَذا استثْنَىٰ عبادَه المُخْلَصِينَ؛ لأنّهُمْ يَصِفُونَهُ بِصِفَاتِهِ العُلاَ، وقالت فرقة: اسْتَثْنَاهُمْ من قولِه: { لَمُحْضَرُونَ } وعبارةُ الثعلبي: { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ } أي: الملائكة أنَّ قائِلي هذه المقالةِ مِنَ الكفرةِ { لَمُحْضَرُونَ } في النَّارِ، وقيل للحسابِ، والأولُ أوْلَى لأنَّ الإحْضَارَ متَى جَاء في هذه الصُّورة عُنِيَ بهِ العذابُ { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } فإنَّهُمْ ناجُونَ مِنَ النَّار، انتهى، وفي البخاريِّ { لَمُحْضَرُونَ } أي: سيُحْضَرُونَ للحِسَابِ، انتهى.