الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ } * { بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ } * { وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ }

وقوله تعالى: { فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ } أي: فلا يُمْكِنُهُمْ أن يقولوا إلا أنَّ خَلْقَ مَنْ سواهُم من الأمَمِ والملائِكَة، والجنِّ والسَّمواتِ والأرضِ والمشارِق والمغارِبِ وغير ذلك ـــ هو أشَدُّ مِنْ هؤلاءِ المخاطَبِينَ، وبأن الضمير في { خَلَقْنَآ } يرادُ به ما تقدم ذكره، قال مجاهد وقتادة وغيرهما: ويُؤَيِّدُه ما في مصحف ابن مسعود «أُمْ مَنْ عَدَدْنَا»؛ وكذلك قرأَ الأَعْمَشُ.

وقوله تعالى: { إِنَّا خَلَقْنَـٰهُم مِّن طِينٍ } أي: خلقُ أصلِهم وهو آدم ـــ عليه السلام ـــ، واللاّزِبُ: اللازمُ: يَلْزَمُ ما جاورَهُ ويَلْصَقُ به، وهُوَ الصَّلْصَالُ، { بَلْ عَجِبْتَ } يا محمدُ مِنْ إعْرَاضِهِم عن الحق، وقرأ حمزةُ والكسائي ـــ «بل عَجِبْتُ» بضمِ التاء ـــ؛ وذلك على أن يكونَ تَعَالَى هو المُتَعَجِّبُ ومعنَى ذَلِكَ مِن اللَّه تعالى: أنه صِفًةُ فِعْلٍ، ونحوُه قولهُ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: " يَعْجَبُ اللَّهُ مِنَ الشّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ " فإنَّما هِي عِبَارَةٌ عَمَّا يُظْهِرُهُ اللَّه ـــ تعالى ـــ في جِانِبِ المُتَعَجَّبِ مِنْهُ من التعظيمِ أو التحقير حَتَّى يصيرَ الناسُ مُتَعَجِّبِينَ مِنه، قال الثعلبي: قال الحسينُ بن الفضل: التعجبُ من اللَّهِ إنكارُ الشيء، وتعظيمهُ؛ وهو لغة العرب، انتهى.

وقوله: { وَيَسْخَرُونَ } أي: وهمْ يَسْخَرُونَ من نُبُوَّتِكَ.