وقوله سبحانه { وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ } الضميرُ في «أعْيُنِهِمْ» لكفارِ قريش، ومعنى الآية: تَبْيِينُ أَنَّهُمْ في قَبْضَةِ القدرةِ، وبمَدْرَجِ العَذَابِ. قالَ الحَسَنُ وقتادة: أراد الأعْيُنَ حقيقة، والمعنى: لأَعْمَيْنَاهُمْ؛ فَلاَ يَرَوْنَ كَيْفَ يَمْشُونَ؛ ويؤيدُ هذا مجانسةُ المَسْخِ لِلْعَمَى الحَقِيقِيِّ. وقوله: { فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرٰطَ } معناه: على الفَرْضِ والتقدير، كأَنَّه قال: ولو شِئْنَا لأَعْمَيْنَاهم، فَٱحْسِبْ أو قَدِّرْ أَنَّهُمْ يَسْتَبِقُونَ الصِّرَاطَ؛ وهو الطريقُ، فَأَنَّى لَهُمْ بالإبْصَارِ، وَقَدْ أَعْمَيْنَاهُمْ، وعبارةُ الثَّعْلَبِيِّ: وقالَ الحسنُ والسدي: ولو نشاء لَتَرَكْنَاهُمْ عُمْياً يَتَرَدَّدُونَ؛ فَكَيْفَ يُبْصِرُونَ الطريقَ حينئذ، انتهى، وقال ابن عباس: أراد: أعْيُنَ البَصَائِر؛ والمَعْنَى: لو شِئْنَا لَحَتَمْنَا عَلَيْهِمْ بِالكُفْرِ؛ فلم يهتدِ منْهم أحَدٌ أبداً، وبَيَّنَ تعالى في تنكِيسِه المُعَمَّرِينَ، وأن ذلك مما لا يَقْدِرُ عليه إلا هو سبحانه، وتَنْكِيسُه: تَحَوُّلُ خَلْقِه من القوةِ إلى الضَّعْفِ؛ ومِنَ الفَهْمِ إلى البَلَهِ، ونَحْوُ ذلك. ثم أخْبَرَ تعالى عَن حالِ نبيه محمدٍ ـــ عليه السلام ـــ رَادًّا عَلى مَنْ قَال من الكفرة: إنه شَاعرٌ وإن القرآن شِعْرٌ ـــ بقوله: { وَمَا عَلَّمْنَـٰهُ ٱلشّعْرَ... } الآية.