وقوله سبحانه: { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ }: هذه نَفْخَةُ البعثِ، والأجْدَاثُ: القبُور، و { يَنسِلُونَ } أي يَمْشُونَ مُسْرِعِين. وفي قراءة ابن مسعود: «مَنْ أَهَبَّنَا مِنْ مَرْقَدِنَا»، وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وغيرهِ: أن جميعَ البَشَرِ يَنَامُونَ نَوْمَةً قَبْلَ الحشرِ. قال * ع *: وهذا غيرُ صحيحِ الإسْنَاد، وإنما الوجهُ في قولهم: { مِن مَّرْقَدِنَا }: أنها اسْتَعَارَةٌ؛ كَمَا تَقُولُ في قتيلٍ: هذا مرقَدُه إلى يومِ القيامةِ. وقوله: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } جوَّزَ الزَّجَّاجُ أنْ يكونَ «هذا» إشارةً إلى المَرْقَدِ، ثم اسْتَأنَفَ { مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } ويُضْمِرُ الخبرَ «حق» أو نحوه، وقال الجمهور: ابتداءُ الكلامِ: { هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ } واخْتُلِفَ في هذه المقَالَةِ مَنْ قالَها؟ فقال ابن زيد: هيَ مِنْ قَوْلِ الكفرةِ، وقال قتادة ومجاهد: هي من قولِ المؤمنينَ للكفارِ. وقال الفراء: هي مِنْ قَوْلِ الملائكةِ، وقالت فرقة: هي مِنْ قَوْلِ اللَّهِ ـــ تعالى ـــ على جِهَةِ التَّوْبِيخ، وباقي الآية بيِّنٌ.