قوله عزَّ وجلَّ: { يسۤ * وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْحَكِيمِ * إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } قد تقدَّم الكلام في الحروف المقَطَّعة، ويختص هذا الموضعُ بأَقوالٍ، منها: أن ابن جبير قََالَ: يسۤ ٱسْمٌ من أسماء محمد ـــ عليه السلام ـــ وقال ابن عباس: معناه: يا إنسانُ، بالحبشية. وقال أيضاً: هو بلغة طَيِّىءٍ، وقال قتادةُ: «يسۤ» قسم و«الصراط» الطريق، والمعنى: إنك على طريق هدى بيِّن ومَهْيَعٍ رشاد، واختَلَفَ المفسرون في قوله تعالى: { مَّا أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ } فقال عِكْرِمَةُ: «ما» بمعنى: الذي، والتقدير: الشيءُ الذي أُنذِر آباؤهم من النارِ والعذابِ، ويحتملُ أن تكون «ما» مصدريةً على هذا القول، ويكونُ الآباءُ هُمُ الأَقْدَمُونَ على مر الدهرِ. وقوله: { فَهُمْ } مع هذا التأويل بمعنى: فإِنّهم، دخلتِ الفاءُ لِقَطْع الجملة من الجملة، وقال قتادةُ: «ما» نافيةٌ، فالآباءُ عَلى هَذا هم الأقْرَبُونَ مِنْهُمْ، وهذه الآيةُ كقوله تعالى:{ وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ } [سبأ:44] وهذه النِّذَارةُ المنفيةُ: هي نذارة المبَاشَرَة، كما قدَّمَنا، و { حَقَّ ٱلْقَوْلُ } ، معناه: وَجَبَ العذابُ وسبَقَ القضَاءُ بهِ، وهذا فيِمَنْ لم يؤمنْ من قريشٍ كَمَنْ قُتِل بِبَدْرٍ، وغيرِهم.