الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ } * { وَٱلشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَـا ذَلِكَ تَقْدِيرُ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } * { وَٱلْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلعُرجُونِ ٱلْقَدِيمِ } * { لاَ ٱلشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ ٱلقَمَرَ وَلاَ ٱلَّيلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ }

وقوله تعالى: { وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ } هذه الآياتُ جعلَها اللَّهُ عز وجل أدلةٌ على قدرتِه ووُجوبِ الألوهية له، و { نَسْلَخُ } معناه نَكْشِطُ ونُقَشِّرُ: فهي اسْتِعارة.

قلت: قال الهروي: قوله تعالى: { وَءَايَةٌ لَّهُمُ ٱلَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ ٱلنَّهَارَ } أي: نخرجه منه إخراجاً لا يَبْقَى من ضَوْءِ النهار معه شيء، انتهى. و { مُّظْلِمُونَ } داخلون في الظلام، ومُسْتَقَرِّ الشَّمْسِ: على ما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق أبي ذَرٍّ، " بَيْنَ يَدَيِ العَرْشِ تَسْجُدُ فِيه كُلَّ لَيْلَةٍ بَعْدَ غُرُوبِها " وهو فِي البخاري؛ وفي حديثٍ آخر " أنَّهَا تَسْجُدُ في عَيْنٍ حَمِئَةٍ " و { مَنَازِلَ } منصوبٌ عَلى الظَّرفِ وهي المنازِلُ المعروفةُ عندَ العرَب، وهي ثمانيةٌ وعِشْرُونَ مَنْزِلَةً يَقْطَع القَمَرُ مِنها كلَّ لَيْلَةٍ مَنْزِلَةً، وعَودَتُه هي استهلالُه رَقِيقاً وحينئذ يُشْبه العُرْجُونَ، وُهو الغُصْنُ مِنَ النَّخْلَةِ الذي فيه شَمَارِيخُ التَّمْرِ، فإنَّه يَنْحَنِي وَيَصْفَرُّ إذا قَدِمَ، ويَجِيءُ أشْبَهَ شَيءٍ بِالهلال؛ قاله الحسَن، والوُجود يَشْهَدُ له، و { ٱلْقَدِيمِ } معناه: العَتِيقُ الذي قَدْ مَرَّ عَلَيْهِ زَمَنٌ طَوِيلٌ، وَ { يَنْبَغِى } هنا مُسْتَعْملَة فيما لا يمكنُ خِلاَفُه؛ لأنها لاَ قُدْرَةَ لَهَا عَلى غَيْرِ ذلك، والـــ«فلك» فيما رُوِيَ عنِ ابْنِ عَباسٍ مُتَحَرِّك مُسْتَدِير كَفَلَكَةِ المغْزَلِ فِيهِ جَمِيعُ الكَوَاكِبِ و { يَسْبَحُونَ } معناه: يَجْرُونَ وَيَعُومُونَ.