الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } * { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } * { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَـٰؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِمْ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ ٱلْجِنَّ أَكْـثَرُهُم بِهِم مُّؤْمِنُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفْعاً وَلاَ ضَرّاً وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } * { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُواْ مَا هَـٰذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ وَقَالُواْ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ }

وقوله تعالى: { وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِي ءَايَـٰتِنَا مُعَـٰجِزِينَ } تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهْ و { مُحْضَرُونَ } من الإحْضَارِ والإِعْدَادِ، ثُمَّ كَرَّرَ القَوْلَ بِبَسْطِ الرِّزْقِ لاَ عَلَى المَعْنَى الأَوَّلِ؛ بَلْ هَذَا هُنَا عَلَى جِهَة الوَعْظِ، والتَّزْهِيدِ فِي الدُّنْيَا، والحَضِّ عَلَى النَّفَقَةِ في الطَّاعَاتِ، ثُمَّ وَعَدَ بِالخَلَفِ فِي ذَلِكَ. إِمَّا فِي الدنيا، إِمَّا فِي الآخِرَةِ، وفي «البُخارِي» أنَّ مَلَكاً يُنادِي كُلَّ يَوْمٍ: اللَّهُمَّ، أَعْطِ مُنْفِقاً خَلَفاً، وَيَقُولُ مَلَكٌ آخَرُ: اللَّهُمَّ، أَعْطِ مُمْسِكاً تَلَفاً. وَرَوَى التِّرمِذِيُّ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأَنْصَارِي: أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " ثَلاَثٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثاً فَٱحْفَظُوه، قال: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلاَ ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً صَبَرَ عَلَيْهَا إلاَّ زَادَهُ اللّهُ عِزّاً، وَلاَ فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَة إلاَّ فَتَحَ اللّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ، أو كَلِمَةً نَحْوَهَا " الحديثَ، قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انتهى. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: { وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ } الآية تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِهَا مُكَرَّراً، وفِي القُرْآنِ آيَاتٌ يَظْهَرُ مِنْها أَنَّ الجِنَّ عَبَدَتْ فِي سُورَةِ الأَنْعَامِ وغيرها؛ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: { فَٱلْيَوْمَ } أي: يُقَال لِمَنْ عَبَدَ وَمَنْ عَبَدَ: «اليَوْمَ لاَ يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً ولاَ ضَرّاً».