وقوله تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } إلى قوله { كَرِيماً } أذهَب اللّه بهذه الآية مَا وَقَعَ في نفوسِ المنافقين وغيرِهم؛ لأنهم استعظموا أن يَتَزَوَّجَ زَوْجَة ابْنِه، فنفى القرآنُ تلكَ البُنُوَّةَ، وقوله: { أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ } يعني المعاصرين له وباقي الآية بيِّن. ثم أمر سبحانه عباده بأن يذكروه ذكراً كثيراً، وجعل تعالى ذلك دون حَدٍّ ولا تقدير؛ لسهولته على العبد، ولعظم الأجر فيه. قال ابن عباس: لم يُعْذَرْ أَحدٌ فِي تركِ ذكر اللّهِ عز وجل إلاَّ مَنْ غُلِبَ عَلى عَقْلِهِ، وقال: الذكرُ الكثيرُ أن لا تنساه أبداً. ورَوَى أبو سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم " أَكْثِرُوا ذِكْرَ اللّهِ؛ حَتَّىٰ يَقُولُوا: مَجْنُونٌ " * ت *: وهذا الحديثُ خرَّجه ابن حِبَّان في «صحيحه». وقوله: { وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } أراد في كل الأوقاتِ فحدَّد الزمَنَ بطرَفَيْ نهارِه ولَيْلِه، والأصيل من العَصْر إلى الليلِ، وعن ابن أبي أوفى قال: قال، رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم: " إنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللّهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالأَظِلَّةَ لِذِكْرِ اللّهِ " رواه الحاكم في «المستدرك»، انتهى من «السلاح». وقوله سبحانه: { هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَـٰئِكَتُهُ }: صلاةُ اللّه على العبدِ هي رحمتُه له، وصلاة الملائكة هي دعاؤهم للمؤمنين. ثم أخبر تعالى برحمته بالمؤمنين تأنيساً لَهُم. وقوله تعالى: { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَـٰمٌ } قيل: يوم القيامة تُحَيِّ الملائكةُ المؤمنين بالسلامِ، ومعناه: السلامةُ من كل مكروهٍ، وقال قتادة: يوم دُخولِهم الجنَّةِ يحي بعضُهم بعضاً بالسلامِ، والأجرُ الكريمُ: جنة الخلدِ في جوار اللّه تبارك وتعالى.