الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً } * { وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً }

وقوله تعالى: { وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَـٰهَرُوهُم } يريد: بني قُرَيْظَةَ، وذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا غَدَرُوا وَظَاهَرُوا الأحْزَابَ، أرادَ اللّهُ النِّقْمَة مِنْهُمْ فَلَمَّا ذَهَبَ الأَحْزَابُ؛ جَاءَ جِبْرِيلُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقْتَ الظُّهْرِ؛ فَقَالَ: يَا مْحَمَّدُ، إنَّ اللّهَ يَأْمُرُكَ بِالخُرُوجِ إلَىٰ بَنِي قُرَيْظَةَ، فَنَادَىٰ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ، وَقَالَ لَهُمْ: " «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ»، فَخَرَجَ النَّاسُ إلَيْهِمْ، وَحَصَرَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَمْساً وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ نَزَلُوا عَلَىٰ حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ؛ فَحَكَمَ فِيهِمْ سَعْدٌ بِأَنْ تُقْتَلَ المُقَاتَلَةُ وَتُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالْعِيَالُ وَالأَمْوَالُ، وَأَنْ تَكُونَ الأَرْضَ وَالثِمَارُ لِلْمُهَاجِرِينَ دُونَ الأَنْصَارِ، فَقَالَتْ لَهُ الأَنْصَارُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُهَاجِرِينَ أَمْوَالٌ كَمَا لَكُمْ أَمْوَالٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ المَلِكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقَعَةٍ» " فَأَمَرَ صلى الله عليه وسلم بِرِجَالِهِمْ فَضُرِبَتْ أَعْنَاقِهُمْ، وَفِيهِمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ النَّضِيرِيُّ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَدْخَلَهُمْ فِي الْغَدْرِ، و { ظَـٰهَرُوهُم }: معناه: عاوَنُوهم، و«الصياصي»: الحُصُون، واحدُها صيصيةٍ وهي كل ما يَتَمَنَّعُ به ومنه يقال لقرون: البقر الصياصي، والفريقُ المقتولُ: الرجالُ والفريقُ المأسور: العيالُ والذُّرِّيَّة.

وقوله سبحانه: { وَأَرْضاً لَّمْ تطؤُوهَا } يريد بها: البلاد التي فتحت على المسلمين بعدُ كالعراقِ والشامِ واليمنِ وغيرها، فوعَدَ اللّه تعالى بها عند فتح حصون بني قريظة، وأخبر أنه قد قضى بذلك قاله عكرمة.