الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْقَدِيرُ } * { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } * { وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ } * { فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ } * { وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ } * { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } * { فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ }

وقوله تعالى: { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } قال كثير من اللغويين: ضَمُّ الضادِ في البدن، وفتحها في العقل، وهذه الآية إنما يراد بها حال الجِسم، والضُّعْفُ الأول هو: كونُ الإنسان من ماءٍ مهينٍ، والقوة بعد ذلك: الشَّبِيْبَةُ وشدة الأسْر والضُّعْف الثَّانِي هوَ الهَرَمُ والشَيْخُوخَةُ، هذا قولُ قتادةَ وغيره ورَوَى أبُو داودَ فِي سننه بسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَن عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عن أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قال: قَالَ رَسُولُ اللّهِ ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ: " لاَ تَنْتِفُوا الشَّيْبَ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَشِيبُ شَيْبَةً فِي الإسْلاَمِ إلاَّ كَانَتْ لَهُ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ " وفي رواية " إلاَّ كَتَبَ اللّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِهَا حَسَنَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً " انتهى.

ثم أخْبَرَ عز وجل عن يوم القيامة فقال: { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ } أي: تحت التراب { غَيْرَ سَاعَةٍ } وقيل: المعنى: ما لبثوا في الدنيا كأنهم استقلوها. { كَذَلِكَ كَانُواْ } في الدنيا { يُؤْفَكُونَ } أي: يُصْرَفُونَ عن الحق.

قال * ص *: { مَا لَبِثُوا }: جوابُ القسمِ على المعنى، ولو حُكِي قولهم لَكَانَ ما لبِثْنَا؛ انتهى. ثم أخْبَر تعالى أن الكفَرَة لاَ يَنْفَعْهُمْ يومئذ اعتذارٌ ولا يُعْطَوْنَ عُتْبَىٰ، وهي الرِّضا وباقي الآية بيِّن، وللَّه الحمدُ.