الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ } * { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } * { يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

وقوله تعالى: { وَدَّت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ } ، قال مَكِّيٌّ: قِيلَ: إن هذه الآية عُنِيَ بها قُرَيْظَةُ، والنَّضِيرُ، وبَنُو قَيْنُقَاع، ونَصَارَىٰ نَجْرَانَ.

* ص *: قوله تعالى: { وَدَّت طَّائِفَةٌ }: وَدَّ: بمعنَىٰ تَمَنَّىٰ، ويستعملُ معها: «أَنْ، ولَوْ»، ورُبَّمَا جمع بينهما نَحْوُ: «وَدِدتُّ أَنْ لَوْ فَعَلَ»، ومصدره الوَدَادَةُ، والاسْم منه الوُدُّ، وبمعنى: أَحَبَّ، فيتعدَّىٰ كتَعَدِّي أَحَبَّ، ومصدره: مَوَدَّة، والاسم منه وُدٌّ، وقد يتداخَلاَنِ في الاسم والمصدر اهـــ.

وقوله تعالى: { وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ }: إعلامٌ بأن سوء فعلهم عائدٌ عليهم، وأنهم ببعدهم عن الإسلام هم الضالُّون، ثم أَعْلَمَ تعالَىٰ؛ أنهم لا يشعُرُونَ بذلك، أي: لا يتفطَّنون، ثم وقفهم تعالَىٰ موبِّخاً لهم علَىٰ لسان نبيِّه، والمعنَىٰ: قُلْ لهم، يا محمَّدُ: لأيِّ سببٍ تكفرون بآياتِ اللَّه التي هي آياتُ القرآن، وأنتم تَشْهَدُونَ؛ أنَّ أمره وَصِفَةَ محمَّد في كتابكم؛ قال هذا المعنَىٰ قتادةُ وغيره.

ويحتملُ أنْ يريد بالآياتِ ما ظَهَرَ علَىٰ يده صلى الله عليه وسلم من المعجزات.

قُلْتُ: ويحتملُ الجميع من الآيات المتلوَّة والمعجزات التي شَاهَدُوها منه صلى الله عليه وسلم.

وقال * ص *: { وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ }: جملةٌ حاليَّةٌ، ومفعول «تَشْهَدُونَ»: محذوفٌ، أي: أنها آيات اللَّه، أو ما يدلُّ على صحَّتها من كتابكم، أوْ بمثلها من آيات الأنبياء. اهـــ.

وقوله: { لِمَ تَلْبِسُونَ }: معناه: تَخْلِطُونَ: تَقُولُ: لَبَسْتُ الأَمْرَ؛ بفتح الباءِ: بمعنى خَلَطْتُهُ؛ ومنه قوله تعالى:وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } [الأنعام:9].

وفي قوله: { وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } توقيفٌ علَى العنادِ ظاهرٌ.

وباقى الآية تقدَّم بيانه في «سورة البقرة».