الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ }

وقوله سبحانه: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ... } الآية: وعْظٌ فيه تسليةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولأمته عن أمْرِ الدُّنْيا وأهلِها، ووَعْدٌ بالفلاحِ في الآخرةِ؛ فبالفكْرة في المَوْت يَهُونُ أمر الكُفَّار وتكذيبُهم، { وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ } ، أي: على الكمالِ، ولا محَالَة أنَّ يوم القيامةِ تَقَعُ فيه توفيةُ الأجور، وتوفيةُ العُقُوبات، و { زُحْزِحَ }: معناه: أبعد، والمَكَانُ الزَّحْزَاحُ: البعيدُ، { وفَازَ }: معناه: نَجَا من خَطَره وخَوْفه، و { ٱلْغُرُورِ }: الخَدْعُ، والتَّرْجِيَةُ بالباطل والحياةِ الدنيا، وكلُّ ما فيها من الأموالِ هي متاعٌ قليلٌ يخدَعُ المرء، ويمنِّيه الأباطيلَ؛ وعلَىٰ هذا فسَّر الآيةَ جمهورُ المفسِّرين، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَمَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا " ، ثم تَلاَ هذه الآيةَ، قُلْتُ: وأسند أبو بَكْر بْنُ الخَطِيبِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " مَا سَكَنَ حُبُّ الدُّنْيَا قَلْبَ عَبْدٍ قَطُّ إلاَّ ٱلْتَاطَ مِنْهَا بِخِصَالٍ ثَلاَثٍ: أَمَلٌ لاَ يَبْلُغُ مُنْتَهَاهُ، وَفَقْرٌ لاَ يُدْرِكُ غِنَاهُ، وَشُغْلٌ لاَ يَنْفَكُّ عَنَاهُ " انتهى.