الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ }

وقوله سبحانه: { لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ... } الآية: نزلَتْ بسبب فِنْحَاصٍ اليَهُودِيِّ وأشباهه؛ كَحُيَـيِّ بْنِ أَخْطَبَ وغيره، لمَّا نزلَتْ:مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [الحديد:11]، قالوا: يستقرضُنا ربُّنا، إنما يَسْتَقْرِضُ الفَقِيرُ الغَنِيَّ، وهذا مِنْ تحريف اليهودِ للتأويل علَى نحو ما صَنَعُوا في تَوْرَاتِهِمْ.

وقوله تعالى: { قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ }: دالٌّ على أنَّهم جماعةٌ.

وقوله تعالى: { سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ... } الآية: وعيدٌ لهم، أي: سنُحْصِي عليهم قولَهُمْ، ويتصلُ ذلك بفعل آبائهم مِنْ قَتْل الأنبياءِ بغَيْر حَقٍّ.

وقوله سبحانه: { إِنَّ ٱللَّهَ }؛ أي: وبأنَّ اللَّه ليس بظَلاَّم للعبيد.

قال * ص *: قيل: المراد هنا نفْيُ القليلِ والكثيرِ مِنَ الظُّلْم؛ كقول طَرَفَةَ: [الطويل].
وَلَسْتُ بِحَلاَّلِ التِّلاَعِ مَخَافَةً   وَلَكِنْ مَتَىٰ يَسْتَرْفِدِ القَوْمُ أَرْفِدِ
ولا يريدُ: أنه قدْ يحلُّ التلاعَ قليلاً.

وزاد أبو البقاءِ وجْهاً آخر، وهو أنْ يكون على النَّسَبِ، أي: لا ينسب سبحانه إلى ظُلْمٍ، فيكون من باب بَزَّاز وعَطَّار. انتهى، قلتُ: وهذا القولُ أحْسَنُ ما قيل هنا، فمعنَىٰ وما ربُّكَ بظَلاَّم، أي: بذي ظُلْم.