الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ وَمَا كنتَ مِنَ ٱلشَّاهِدِينَ } * { وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً فِيۤ أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ }

وقوله تعالى: { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ... } الآية، أي: ما كنتَ يا محمدُ حاضراً لِهذهِ الغُيوبِ الَّتي تُخْبِرُهمْ بِهَا، وَلَكِنَّهَا صَارَتْ إلَيْكَ بِوَحْيِنَا، أي: فكان الواجِبُ أن يسارعوا إلى الإيمان بك.

قال السهيلي: وجانبُ الغَرْبي هُوَ جانبُ الطُّورِ الأيمنِ، فحينَ ذَكَرَ سبحانَه نداءَه لِموسى قال:وَنَـٰدَيْنَـٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ } [مريم:52] وحينَ نَفَى عن محمد ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ أن يكون بذلك الجانبِ قال: { وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ ٱلْغَرْبِيِّ } والغربيُّ: هو الأيمنُ، وبين اللفظينِ في ذكر المَقَامَيْنِ ما لا يخفى في حُسْنِ العبارةِ وبديعِ الفَصَاحَةِ والبلاغةَ؛ فإن محمداً عليه السلام لا يقالُ له: ما كنت بالجانب الأيمنِ؛ فإنَّه لَمْ يَزَلْ بالجَانِبِ الأيْمَنِ مُذْ كانَ فِي ظَهْرِ آدم عليه السلامُ، انتهى.

وقوله سبحانه: { فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ ٱلْعُمُرُ } قال الثعلبيُّ: أي: فنسوا عهد اللّه، انتهى. و { قَضَيْنَا } معناه: أنفذنا، و { ٱلأَمْرَ } يعني: التَّوْرَاة.

وقالت فرقة: يعني به: ما أعلمَه مِن أمْرِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

قال * ع *: وهذا تأْوِيلٌ حَسَنٌ يَلْتَئِمُ معه ما بَعْدَه من قوله { وَلَكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُوناً }.

* ت *: قال أبو بكر بن العربيِّ: قوله تعالى: { إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى ٱلأَمْرَ } معناه: أعلمناه، وهو أحدُ ما يَرِد تَحْتَ لفظِ القَضَاءِ مراداً، انتهى من كتاب «تفسير الأفعالَ الواقعة في القرآن». و«الثاوي»: المقيم.