الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } * { وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ } * { فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلاَ تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَٱسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ }

{ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً } أي: فارِغاً من كلِّ شيء إلا من ذكر موسَى.

قاله ابن عباس.

قال مالك: هو ذَهَابُ العَقْلِ، وقالت فرقة: { فَارِغاً } من الصبر.

وقوله تعالى: { إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ } أي: أَمرِ ابْنِهَا، ورُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: كادتْ أُمُّ مُوسَى أن تَقُول: «وٱبْنَاهُ وَتَخْرُجَ سَائِحَةً عَلَى وَجْهِهَا». والرَّبْطُ على القلبِ: تأنيسُه وتقويَتُه، { وَلِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } أي: من المُصَدِّقين بوعدِ اللّهِ سبحانه وما أوحي إليها به، و { عَن جُنُبٍ } أي: ناحيةٍ، فمعنى { عَن جُنُبٍ }: عن بُعْد لَمْ تَدنُ مِنْهُ فَيُشْعَرَ لها.

وقوله: { وَهُم لاَ يَشْعُرُونَ } معناه: أنها أختُه، ووعدُ اللّه المسارُ إليه هو الذي أوحاه إليها أولاً، إمَّا بمَلَكٍ أو بمَنَامَةٍ، حسْبَمَا تَقَدَّمَ، والقَوْلُ بالإلْهَامِ ضَعِيفٌ أن يقالَ فيه وعدٌ.

وقوله: { أَكْثَرَهُمْ } يريد به القِبْطَ، والأَشُدُّ: شِدةُ البَدَن واستحكام أمره وقوتِه، و { ٱسْتَوَىٰ } معناه: تَكَامَلَ عَقْلُه، وذلك عند الجمهور مع الأربعين. والحكمُ: الحِكْمَةُ، والعلمُ: المَعرِفَةُ بشرعِ إبراهيمَ عليه السلام.