الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ } * { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } * { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } * { وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } * { قَالَ كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } * { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } * { قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ } * { وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ ٱلَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ } * { فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ }

وقوله تعالى: { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ } التقدير: واذكر إذ نادى ربك موسى، وسَوْقُ هذه القصة تمثيل لكفار قريش في تكذيبهم النبيَّ صلى الله عليه وسلم.

وقوله: { فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَـٰرُونَ } معناه: يعينني { وَلَهُم عَلَيَّ ذَنبٌ } يعني قَتْلَهُ القِبْطِيَّ.

وقوله تعالى: { كَلاَّ } رَدٌّ لقوله: { إِنِّي أَخَافُ } أي: لا تخف ذلك، وقول فرعون لموسى: { أَلَم نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً } هو على جهة المَنِّ عليه والاحتقار، أي: رَبَّيْنَاكَ صغيراً، ولم نقتلك في جملة مَنْ قَتَلْنَا { وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ }: فمتى كان هذا الذي تدَّعِيْهِ، ثم قرره على قتل القبطي بقوله: { وَفَعَلْتَ فِعْلَتَكَ } والفَعْلَةُ - بفتح الفاء -: المَرَّةُ، وقوله: { وَأَنتَ مِنَ ٱلْكَـٰفِرِينَ } يريد: وقتلت القبطيَّ وأنت في قتلك أَباه من الكافرين؛ إذ هو نَفْسٌ لا يحلُّ قتلها؛ قاله الضَّحَّاكُ، أو يريد: وأنت من الكافرين بنعمتي في قتلك إياه؛ قاله ابن زيد؛ ويحتمل أن يريد: وأنت الآن من الكافرين بنعمتي، وكان بين خروج موسى عليه السلام حين قتل القبطي وبين رجوعه نَبِيّاً إلى فرعون ـــ أَحَدَ عَشَرَ عاماً غيرَ أشهرٍ.

وقوله: { قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً }: من كلام موسى عليه السلام والضميرُ في قوله: { فَعَلْتُهَا } لِقَتْلَةِ القِبْطِيِّ. وقوله: { وَأَنَا مِنَ ٱلضَّالِّينَ } قال ابن زيد: معناه: من الجاهلين بأنَّ وكزتي إياه تأتي على نفسه، وقال أبو عبيدةَ: معناه: من الناسين، ونزع بقوله:أنْ تَضِلَّ إحْدَاهُمَا } [البقرة:282]، وفي قراءة ابن مسعود وابن عباس: «وأَنَا مِنَ الجَاهِلِينَ»، ويشبه أن تكون هذه القراءة على جهة التفسير، و { حُكْماً } يريد: النّبُوَّةَ وحكمتها.

وقوله: { وَجَعَلَنِي مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } درجة ثانية لِلنُّبُوَّةِ، فرُبَّ نبيٍّ ليس برسول.