الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } * { وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } * { بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَـٰذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِٱلْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } * { لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ }

وقوله سبحانه: { أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } أي: إليها سابقون، وهذا قول بعضهم في قوله: «لها»، وقالت فرقةٌ: معناه وهم من أَجْلِها سابقون، وقال الطبريُّ عنِ ابن عباس: المعنى: سبقتْ لهم السعادَةُ في الأَزَلِ؛ فهم لها، وَرَجَّحَهُ الطبريُّ بأنَّ اللام متمكنة في المعنى.

وقوله سبحانه: { وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِٱلْحَقِّ } أظهر ما قيل فيه أنَّه أراد كتابَ إحصاءِ الأعمال الذي ترفعه الملائكة، وقيل: الإشارة إلى القرآن، والأول أظهر.

وقوله سبحانه: { بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَـٰذَا } اخْتُلِفَ في الإشارة بقوله: { مِّنْ هَـٰذَا } هل هي: إلى القرآن، أو إلى كتاب الإحصاءِ، أو إلى الدِّينِ بجملته، أو إلى النبي صلى الله عليه وسلم؟ { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ } أي: من الفساد { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ }: في الحال والاستقبالِ, والمُتْرَفُ: المُنَعَّمُ في الدُّنيا، الذي هو منها في سَرَفٍ، و { يَجْأَرُونَ } معناه: يستغيثون بصياح كصياح البقر، وكَثُرَ استعمال الجُؤَار في البَشَرِ؛ ومنه قول الأعشى: [المتقارب]
يُرَاوِحُ مِنْ صَلَوَاتِ المَلِيك   طَوْراً سُجُوداً وَطَوْراً جُؤَارَا
وقال *ص*: جأر الرجل إلى اللّه تعالى، أي: تَضَرَّعَ؛ قاله الحُوفِيُّ، انتهى, وذهب مجاهد وغيره إلى أَنَّ هذا العذابَ المذكورَ هو الوعيدُ بيوم بَدْرٍ، وقيل: غيرُ هذا.

وقوله سبحانه: { لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ } أي: يقال لهم يوم العذاب: لا تجأروا اليوم.