وقوله: { قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَّيُصْبِحُنَّ نَـٰدِمِينَ } المعنى: قال اللّه لهذا النَّبِيِّ الدَّاعي: عَمَّا قليل يندمُ قومُك على كفرهم حين لا ينفعهم الندم، ومن ذكر الصَّيْحَة ذهب الطبريُّ إلى أَنَّهم قوم ثمود. وقوله: { بِٱلْحَقِّ } أي: بما استحقوا بأفعالهم وبما حَقَّ مِنَّا في عقوبتهم، والغثاء: ما يحمله السَّيْلُ من زُبَدِهِ الذي لا يُنْتَفَعُ به، فَيُشَبَّهُ كُلُّ هامد وتالف بذلك. قال أبو حيان: «وبعداً» منصوبٌ بفعل محذوف، أي: بَعُدُوا بُعْداً، أي: هلكوا، انتهى، ثم أخبر سبحانه: إنَّه أنشأ بعد هؤلاء أمماً كثيرةً، كلَّ أَمَّةٍ بأجل، وفي كتاب لا تتعداه في وجودها وعند موتها، وتترى: مصدر من تَوَاتَر الشيءُ. وقوله سبحانه: { فَأتْبَعْنَا بَعْضَهُم بَعْضاً } أي: في الإهلاك. وقوله تعالى: { وَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ } يريد أحاديث مَثَلٍ، وقَلَّمَا يُسْتَعْمَلُ الجَعْلُ حديثاً إلاَّ في الشر، و { عَالِينَ } معناه: قاصدين لِلْعُلُوِّ بالظلم، وقولهم: { وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَـٰبِدُونَ } معناه: خادمون متذللون، والطريق المُعَبَّدُ المُذَلَّلُ، و { مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ }: يريد بالغرق.