وقوله سبحانه: { ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ }. قال الطبريُّ - رحمه اللّه -: إنَّ هذا القرنَ هم ثمودُ، قومُ صالح. قال * ع *: وفي جُلِّ الروايات ما يقتضي أن قوم عاد أقدمٌ إلاَّ أنَّهم لم يُهْلَكُوا بصيحة. قلت: وهو ظاهر ترتيب قَصَصِ القرآن أَنَّ عاداً أقدم، { وَأَتْرَفْنَـٰهُمْ } معناه نَعَّمْنَاهم، وبسطنا لهم الأموالَ والأَرْزَاقَ وقولهم: { أَيَعِدُكُمْ } استفهام على جهة الاستبعادِ و { أَنَّكُمْ }: الثانية بَدَلٌ من الأُولَى عند سيبويه، وقولهم: { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ } استبعادٌ، وهيهات أحياناً تلي الفاعل دونَ لام تقول هيهاتَ مجيءُ زيد، أي: بعد ذلك ومنه قول جرير [الطويل]
فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ الْعَقِيقُ وَمَنْ بِهِ
وَهَيْهَاتَ خِلٌّ بِالْعَقِيقِ نُوَاصِلُهْ
وأحياناً يكون الفاعل محذوفاً، وذلك عند وجود اللام كهذه الآية، التقدير: بعد الوجود؛ لما توعدون قال صلى الله عليه وسلم ورد بأن فيه حذف الفاعل وحذف المصدر وهو الوجود وذلك غير جائز عند البصريين، وذكر أبو البقاء: أَنَّ اللام زائدة «وما» فاعل، أي: بعد ما توعدون. قال أبو حيان: وهذا تفسير معنى لا إعراب؛ لأَنَّهُ لم تَثبُتْ مصدرِيَّةُ «هيهات»، انتهى. وقولهم: { إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا } أرادوا: أَنَّهُ لا وجودَ لنا غيرَ الوجودِ؛ وإنَّمَا تموتُ مِنَّا طائفة فتذهب، وتجيء طائفة جديدة، وهذا هو كُفْرُ الدَّهْرِيَّةِ.