الرئيسية - التفاسير


* تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ) مصنف و مدقق


{ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } * { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } * { وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ } * { فَقَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بِهَـٰذَا فِيۤ آبَآئِنَا ٱلأَوَّلِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حَتَّىٰ حِينٍ } * { قَالَ رَبِّ ٱنصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ }

وقوله سبحانه: { وَشَجَرَةً } عطف على قوله: { جَنَّـٰتٍ } ويريد بها الزيتونة، وهي كثيرة في طور سيناء من أرض الشام، وهو الجَبَلُ الذي كُلِّمَ فيه موسى عليه السلام؛ قاله ابن عباس، وغيره، والـ { طُورِ }: الجبلُ في كلام العرب، واخْتُلِفَ في { سَيْنَآءَ } فقال قتادة: معناه الحُسْنُ، وقال الجمهور: هو اسم الجبل، كما تقول جبل أُحُدٍ، وقرأ الجمهور: «تَنْبُتُ» بفتح التاء وضم الباء، فالتقدير تنبت ومعها الدُّهْنُ؛ كما تقول خرج زيد بسلاحه، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: «تُنْبِتُ» بضم التاء وكسر الباء واخْتُلِفَ في التقدير على هذه القراءة، فقالت فرقة: الباءُ زائدة، كما في قوله تعالى:وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى ٱلتَّهْلُكَةِ } [البقرة:195]، وقالت فرقة: التقدير تُنْبِتُ جناها ومعه الدُّهْنُ، فالمفعول محذوف، وقيل: نبت وأَنْبَتَ بمعنى؛ فيكونُ المعنى كما مضى في قراءة الجمهور، والمراد بالآية تعديدُ النعم على الإنسان، وباقي الآية بَيِّنٌ.

وقوله سبحانه: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَالَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ * فَقَالَ ٱلْمَلَؤُا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هَـٰذَا إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ... } الآية: هذا ابتداءُ تمثيلٍ لكُفَّارِ قريش بأُممٍ كفرت بأنبيائها فأُهْلِكُوا، وفي ضمن ذلك الوعيدُ بأَنْ يَحُلَّ بهؤلاء نحوُ ما حَلَّ بأولٰئك، والملأ: الأشراف، والجِنَّةُ، الجنون، و { حَتَّىٰ حِينٍ } معناه إلى وقت يريحكم القَدَرُ منه، ثم إن نوحاً عليه السلام دعا على قومه حين يَئِسَ منهم، وإنْ كان دعاؤُهُ في هذه الآية ليس بِنَصٍّ؛ وإنَّما هو ظاهر من قوله: { بِمَا كَذَّبُونِ } فهذا يقتضي طلبَ العقوبة، وأَمَّا النصرة بمجردها فكانت تكون بردِّهم إلى الإيمان.